Search This Blog

Monday, May 10, 2010

Adel Zitouni

السيد عادل الزيتوني

معذرة لقد اختلطت علي الأسماء، إن كنت الزيتوني الذي عودنا بكتاباته بالفرنسية الممجدة للصهيونية و المتهمة للمقاومة الفلسطينية بالإرهاب، و الذي يخرج علينا بين الفينة و الأخرى باتهاماته الخرقاء لقادة الحركة الوطنية التونسية بالتواطؤ مع النازية إبان الحرب العالمية الثانية وإدعاءاته بإساءة الدولة التونسية المستقلة معاملة مواطنيها
اليهود إن كنت ذاك الرجل فلا شأن لي بك ولا شأن لك بما أكتب.
أنا أكتب إلى عادل الزيتوني صاحب مقال "حشاد سيعود" المنشور على صفحات تونس نيوز بتاريخ 6 أفريل 2010، و لأعقب على
ما جاء في هذا المقال البائس من أباطيل و ترهات حول معركة بنزرت و كيفية إدارة الرئيس بورقيبة لمقدماتها و مساراتها و تبعاتها.
و أرجئ الخوض في قضية حشاد، إلى حين أن تهدأ الزوبعة التي أثارتها اتهامات المجرم الفرنسي بضلوع بورقيبة في جريمة الاغتيال، و هي الاتهامات التي تحولت إلى يقين لدى بعض المؤرخين التونسيين الجدد و لدى شهود خلقوا بعد الواقعة و التي مثلت قاعدة النقاش لأكثر المشاركين في الندوة التي نظمتها "الجزيرة مباشر" و التي بدت في أكثر فصولها حريصة على إدانة بورقيبة أكثر من حرصها على كشف المزيد من الحقائق حول الاغتيال أو سير القضية المرفوعة أمام القضاء التونسي.
و أعود إلى مقال "حشاد سيعود"
بداية أعترف بأني لا أستطيع شيئا و لا أحد من البشر يستطيع شيئا ضد الحقد الذي أوحى لك بكتابة هذا النص البائس، لكني أستطيع بعض الشيء لتسفيهك و كشف الأكاذيب التي سقتها حول معركة بنزرت،لأني كنت هناك ليس كأحد سكان أو رواد منتجعات بنزرت و لكن كمتطوع و مقاتل حاضر على مدى عشرة أيام في بنزرت و في القرى المحيطة بها.
و إني لا أكتب شهادتي اليوم، بعد نصف قرن، بل كتبتها في حينها، بإلحاح من إدارة تحرير مجلة فائزة النسائية التي كانت تصدر بالفرنسية و التي نشرتها في عددها لشهر سبتمبر 1961 و أضيف أني كتبت شهادتي و لم أنشغل بمآلها و لم أفكر بأمرها على مدى أكثر من أربعين سنة و بالصدفة فقط عثرت على المجلة المذكورة في إحدى المكتبات الفرنسية منذ حوالي عشر سنوات وقد نشرته في تونس نيوز مع مقدمة صغيرة في الذكرى الثانية و الأربعين للمعركة.
هل بقي شيء لم يتّهم بورقيبة به ؟
هناك من كفره و مازال يكفره٬ و هناك من أفتى بشرك أتباعه٬ و خرج علينا من يتهمه بالضلوع في جريمة اغتيال حشاد٬ و ها أنت تتهمه بالخيانة العظمى و الجبن!
الخيانة العظمى !
و أعود إلى هذيانك بدأ بما تدعيه من " أن بورقيبة أمضى آتّفاقا مع الإستعمار يمكّنه (أي فرنسا) من جزء من التّراب الوطني ببنزرت وهو آتّفاق عارضه صالح بن يوسف بشدّة .
لو قلت أن بورقيبة قد قال مثل هذا الشيء أو وعد به أحد المسؤلين الفرنسيين لخامرنا بعض الشك، أما أن تقول أنه أمضى اتفاقا فهذا يوجب عليك ذكر مراجعك و الإجابة على الأسئلة التالية: كيف و متى و أين أمضى بورقيبة آتّفاقا مع الاستعمار ؟ أتحداك أن تذكر مرجعا واحدا لعقد الخيانة هذا ...
تم لنفترض أن هناك اتفاقا سريا بين بورقيبة و الاستعمار ، و أن أمره قد افتضح و عارضه بن يوسف بشدة كما تقول فهل لك أن تجيب على الأسئلة الثلاثة التالية: كيف و متى و أين عارضه صالح بن يوسف؟ و تذكر لنا مجرد أثر لإشاعة نقلها أحد رفاق بن يوسف أو تابعيهم أو تابعي التابعين.
بورقيبة جبان؟
قبل أن يعتقل بورقيبة و يبعد إلى طبرقة يوم 18 أفريل 1952 كان يعرف المصير الذي كان ينتظره لكنه لم يحاول بل لم يفكر قط في الهروب لأنه كان يعتقد أن إيقافه سيمثل صدمة تخدم القضية .
و قد سأل فنسون أوريول رئيس الحكومة الفرنسية عن سر اختيار هذا المكان , فأجابه شومان وزير خارجيته : تريد أن أقول لك سر هذه القضية فأنا أعرفه منذ صباح اليوم " كان دي هوت كلوك يأمل أن يهرب بورقيبة خاصة و قد كان في حرية كاملة على الحدود الجزائرية. انها السذاجة " فرد عليه أريول : هذا مضحك فعلا ! .
و لقد صدقت رؤية بورقيبة , حيث عمت المظاهرات تراب البلاد و استشهد يومها و في الأيام التالية ما لا يقل عن ثلاثين تونسي و جرح المئات واعتقل الآلاف .
هل تعلم يا زيتوني أن بن يوسف كان في المهجر على مدى الفترة الساخنة و الحاسمة من الكفاح التحريري أي من 15 ديسمبر 1951 إلى 15سبتمبر1955.
و إني لا أقول ذلك قدحا في سيرة الرجل و لكنها أحداث التاريخ. فقد اقتضى الكفاح الوطني أن يتولى هو و غيره مهمة التعريف بالقضية الوطنية في العالم و أن يعتقل بورقيبة و كثير من رموز الحركة الوطنية و أن يغتال حشاد و الاخوين علي و الطاهر حفوز و الهادي شاكر و غيرهم من قبل عصابة اليد الحمراء و أن يستشهد ألاف التونسيين في معارك التحرير الوطني .

معركة بنزرت !
أنا على يقين من أن مثلك لا يمكن له أن يفهم ما أكتبه عن الأجواء و المناخات النفسية التي سادت في تلك المرحلة.
إنّ عشرات الآلاف من التّونسيين الذين ذهبوا إلى بنزرت لم يجرّوا بالسّلاسل و إنّما هّبوا متطوّعين وكثير منهم عاصين لأوليائهم. وكانوا يعرفون جيدا ما كان ينتظرهم ويعلمون أنّها الحرب وليست فسحة على شواطئ بنزرت وكانوا يدركون أنّهم ملاقو الجيش الفرنسي المدجّج بالسّلاح وليس جحافل السائحات الفرنسيات.

وكان بإمكان أيّ من المتطوّعين القادمين من أقصى الجنوب أو الوسط أو الشمال٬ أن يرجع من حيث أتى في كل لحظة وقبل دخول مدينة بنزرت . وأذكر أن وحدات الحرس الوطني كانت توقف الحافلات وتنزل المتطوّعين على مستوى" الحنايا " أي حوالي عشرين كلم من المدينة ٬ لثنيهم عن مواصلة الطريق ولكن المتطوّعين ينتشرون في بساتين الكروم ويواصلون طريقهم مقدمين غير مدبرين . واذكر أن احد أعوان الحرس الوطني واسمه عبد العزيز سعيدانه وهو من عائلتي وقريتي ﴿ وهو مازال على قيد الحياة ﴾ عنّفني لكي ارجع من حيث أتيت.
أتعرف لما كلّ هذا ؟ لأنهم كانوا طلاّب شهادة في سبيل الله والوطن.
أدرك تماما أنّك و أمثالك لا تفهمون ذلك ٬ لكن حاول أن تفهم على الأقل أن جموع المتطوعين وكذلك الشهداء لم يكونوا من الشمال أو الوسط أو الجنوب ولكن من وطن اسمه تونس.
و أعلم أيضا أنهم لم يكونوا بطالين و مسحوقين وعمّال و محرومين ٬ دفع بهم بورقيبة إلى محرقة للتّخلّص منهم وإنما شباب وكهول من كلّ الفئات الاجتماعية ﴿احد رفاقي من سوسة٬ هو جلال بالقاضي ابن والي سوسة ٬ المرحوم عبد الحميد بالقاضي ٬) وهو من جربه ﴾ حملوا كلّهم وطنهم في القلب و أكفانهم على رؤوسهم.
النذالة ׃

أيّ نذالة هذه التي تسمح لك بالكتابة بأن الشهداء وعامة المتطوّعين هم ضحايا أو أن أغلبهم من مدن الشمال و أن جلّ المتظاهرين دفنوا أحياء ! "...دفع هذا المحتفى بمناقبه! ...بما يناهز الخمسة آلاف ضحيّة من المدنيين العزّل , أغلبهم من مدن الشّمال إلى مجزرة رهيبة ..دفن خلالها جلّ المتظاهرين أحياء 3
إني أدرك تماما أنّك وأمثالك ممّن يتوارثون الأحقاد جيلا هن جيل و ممّن ينبشون التّاريخ لعلّهم يجدون في بعض صفحاته خلافا أو صراعا يوظّفونه في شقشقتهم السّياسيّة الحاضرة ٬ لا يمكنهم فهم أجواء الوحدة التي عمّت تونس أثناء معركة استكمال السّيادة في بنزرت ٬ وتحديدا وراء بورقيبة.
وعلى ذكر الصراعات والخلافات السّياسية التّاريخية ٬ ها أنا أدلّك على صراع قسّم التّونسيين شطرين منذ ثلاثة قرون ٬ وهو الصّراع بين الباشية والحسينية والذي لم يركبه أحد حتّى اليوم. فأنظر كيف تقحمه في صراعك المرضي مع بورقيبة قبل أن يركبه غيرك.

أعترف
إني لم أعرف يوما بتمجيدي لبورقيبة و لا حتى بتأييدي لسياسته, و لكني أشعر الآن في زمن يعرف هجمة استعمارية جديدة , مدعومة و مسنودة بلهفة البعض على تزكيتها, أشعر بأن أوكد واجباتي نحوه, أن أنصفه هو وغيره و أعترف بأنه خلف وطنا مطهرا من كل حضور عسكري أجنبي و بني دولة مستقلة كاملة السيادة , ما أمكن ذلك في زمن كزماننا ... و كل ذلك بتضحيات في مستوى طاقات التونسيين ;
و إذا كانت السياسة بالنتائج , فانظر ما خلف خصومه من السابقين و اللاحقين داخل تونس و في الجوار الإقليمي و العربي .
و إني لفخور بأن تطوعت و قاتلت في بنزرت تحت قيادة بورقيبة , و فخور أيضا بأن انتميت للحزب الحر الدستوري التونسي , حزب التحرير الوطني في سنة 1954/1955 , و عمري دون الثالثة عشر و في فترة يكابد فيها الشخص للحصول على ذلك الشرف.
و نصيحتي إليك يا زيتوني, أن تقرأ التاريخ و تقلب صفحاته و تتدبر دروسه قبل الكتابة فيه و ان عزمت على الكتابة , أن تتطهر سبعا قبل كتابة السطر الأول.
اهداء
أهدي هذه الورقة الى كل شهداء تونس و الى كل من تطوع في معركة بنزرت و الى رفاقي من الوردانين المرحومين عبد الملك قريسة و الهادي قعبج و الى صديقي الحبيب قروش اللذي لازال يناضل !!! .
الوردانين في: 10/05/2010 أحمد المناعي.
http://rsistancedespeuples.blogspot.com/
La Bataille de Bizerte:juillet1961http://rsistancedespeuples.blogspot.com/2007/11/rassemblement-national-independant-des.html/

حشّاد سيعود... بقلم عادل الزيتوني
بتاريخ : 2010-04-06 الساعة : 22:59:29
قرأت مقالا أعتقد انّه يستحقّ التّعقيب للصّحفي والحقوقي صلاح الجورشي نشر بموقع "تونس أونلاين بتاريخ 31 مارس 2010 " تحت عنوان " هل شارك بورقيبة في آغتيال فرحات حشّاد؟" وهو مقال مزامن لتوصيات وجّهها رئيس الدّولة للدّيوان السّياسي لحزبه الحاكم بالإعداد لبرنامج "وطني" يبرز "مناقب" المشتبه فيه....إلى أن تبوح الملفّات والوثائق الفرنسيّة بما قد يخالف ذلك. ولقد تضمّن المقال المذكور فقرة وردت في شكل مسائلة ضمنيّة وعتاب للتّيّار الإسلامي بسبب إخلاله ب"واجب الإعتراف" لبورقيبة بمكانة يبدو جديرا بها صلب مقاربة للذّاكرة عادلة وغير مبتورة حسب المقال. ولأنّ البحث والفصل في مدى ضلوع بورقيبة في آغتيال حشّاد من مشمولات المؤرّخين وحفّاظ الأرشيف فضّل السّيّد صلاح الجورشي ترك هذا السّؤال معلّقا وعدم الإنحياز للتكّذيب أوالتّصديق

البحث عن الحقيقة من وجهة نظرنا ليس حكرا على الرّاسخين في العلم بالتّاريخ! هؤلاء لهم مسؤوليّة إصدار حكمهم العلمي النّهائي في ما جمّع من معطيات. نصف قرن مضى على الجريمة و لم نسمع شهادة لرفاق الدّرب من الحراك الوطني آنذاك تنير سبيل البحث عن الحقيقة. وعلى الرّغم ممّا تقدّم أجدني مصرّا القول: مالّذي يمنع واجب الشكّ المنهجي في ضلوع بورقيبة في آغتيال الزّعيم فرحات حشّاد خصوصا ولاحوار يذكر بين أصحاب الإختصاص من المؤرّخين حول هذه القضيّة؟ هل أنّ فكّ هذا الغموض المعوّق والمعيب لذاكرتنا "الوطنيّة" حرام؟ أم هو بورقيبيّا مكروه ؟ لا أعتقد أنّ الوفاء لتونس يمرّ بغبن حشّاد والصّمت طيلة نصف قرن على خفايا جريمة آغتياله...إنّ إدراج آسم بورقيبة ضمن "المذكّرة التاريخية" للمشتبه فيهم كمشاركين في الجريمة إلى أن تفصح الحقيقة والمؤرّخون عن معطيات جدّيّة قطعيّة تبرّأه أو تدينه, واجب يمليه علينا وفائنا للشّهداء خصوصا بالنّظر إلى ما يلفّ سيرة بورقيبة من جرائم ودموع ودماء....كانت تشكّل مادّة عمل آستثنائيّة بالنّسبة لقاضي دولي من صنف لويس أوكامبو المدّعي العام الحالي للمحكمة الجنائيّة الدّوليّة.

أودّ للتّوضيح التّأكيد في هذا المقال أنّي لا أكتب هذه الكلمات للردّ مكان التّيّار الإسلامي على المؤاخذة المشار إليها آنفا. إذ لهذا التّيّار العريق نساء ورجال مؤهّلين أكثر من أيّ كان للردّ والجواب . لكن من يخشى الذّاكرة؟ من يخشى فتح خزائن حقائق التّاريخ في تونس؟ وهل يجوز الحديث عن ذاكرة "وطنيّة" في إقليم لا مواطنة فيه إلاّ لقلّة أنتجها بورقيبة باسم الولاء لشخصه وجهته وعصابته الحزبيّة الإجراميّة؟ أليست البقيّة المتبقيّة من الشّعب في هذه الحالة هي رعايا " شركاء (في) المكان" - تعبير أستسمح الشّاعر بحري العرفاوي للآستعماله في هذا السّياق- فحسب وليسوا مواطنين. إنّ المطّلع على واقع البحث في العلوم الإنسانيّة (قسم التّاريخ مثال) في تونس و ما يلفّه من عراقيل وحدود ...لا يعجب من حال المؤسّسات المكلّفة بتأطير الحديث في الذّاكرة وعجزها عن القيام بواجبها الأكاديمي كاملا.

فلمّا قال الشّهيد فرحات حشّاد متوجّها إلى عموم التّونسيّيين "أحبّك يا شعب" , جاء من بعده بورقيبة... قائلا "أنا" من أطرد الإستعمار "أنا"....لم يكن في تونس شعب...كلّ ما في الأمر "غبار أنفار...!" هذا ما قاله "سيّد الأسياد" والّذي لم يسجّل له الرّوات والمؤرّخين – بما فيهم مؤرّخه الشّخصي الغير المختصّ في التّاريخ ...!- مشاركة واحدة في مظاهرة جماهيريّة ضدّ الحماية الفرنسيّة قادها او شارك فيها من الصّفوف الأماميّة. وإنّ كبريات المحن والمواجهات الّتي عاشها التّونسيّون في صراعهم ضدّ سلطات الحماية الفرنسيّة تصادف وجوده ( بورقيبة) إمّا بالمشافي , عليلا تتلقّفه أنامل ملائكة الرّحمة الباريسيّة بلطف وعناية أو نزيلا من صنف خاصّ بسجون فرنسا الدّيموقراطيّة ...أو بمنافي ورديّة سمحت له (بورقيبة)بالتّأمّل والحديث في العشق والهيام.....!"

ولمّا رحلت الآلة العسكريّة الإستعماريّة عن تونس دخلت البلاد في عكاضيّات ودروشات ثقافة "أب الإستقلال" ...و " المجاهد الأكبر" مقابل الشّعب كمجاهد أصغر....وعلّمونا بكتب التّاريخ الرّسمي أنّ ( بورقيبة) ..."هو" من أخرج المستعمر من البلاد...و"هو" من جاء بالشّعب ...وعاش طيلة حكمه الدّمويّ حاكما بدون شعب فمن كان عظيما مثله لا يحتاج إلى شعب...ثمّ أزيح بورقيبة عن الحكم ... ولم يخرج إلى الشّارع عاقل واحد و لا مجنون ... مطالبا بعودته....إلى البلاط بل ولا حتّى كمادّة سياحيّة ب"سوق البلاط " ....هكذا صدّام حسين و غدا عمر البشير وبشّار الأسد وأحمدي نجاد.....والقائمة لن تكون نهائيّة ....أبدا لن تكون نهائيّة في زمن أوكامبو صديق الشّعوب التّعيسة.

ليس بخافي أنّ بورقيبة رحل (بيولوجيّا) ويداه ملطّختين كجزّار بنهج "الكبدة" أو"حومة المرجانيّة"! بدماء الآلاف من نساء ورجال تونس...الأحرار, ومادمنا نتحدّث في الذّاكرة فلنذكر شهادتي أرملة وآبنة الطّيّب المهيري وزيره للدّاخليّة في حكومته الأولى؟ وإنّ تحفّظي على ماضي هذا الرّجل(الطّيّب المهيري) ومسؤوليّته الكبرى في تدمير آلاف العائلات التّونسيّة خلال الفتنة البورقيبيّة... لا يمنع من الإصغاء لما ذكر من قرائن تدلّ على ضلوع بورقيبة في ضروف وملابسات موته كوزير للدّاخليّة. وبعد أن أمضى بورقيبة آتّفاقا مع الإستعمار يمكّنه (أي فرنسا) من جزء من التّراب الوطني ببنزرت وهو آتّفاق عارضه صالح بن يوسف بشدّة...دفع هذا المحتفى بمناقبه! ...بما يناهز الخمسة آلاف ضحيّة من المدنيين العزّل , أغلبهم من مدن الشّمال إلى مجزرة رهيبة ..دفن خلالها جلّ المتظاهرين أحياء....لقد قال لهم هذا الزّنيم وهو متحصّنا بالفرار عن ساحة الوغى....."هاجموا الثّكنات العسكريّة الفرنسيّة"....وهو يعلم و يفقه خطورة ما دعى إليه....كالعادة لم يكن بورقيبة حاضرا يوم بنزرت.....غاب حتّى عن الصّفوف آلخلفيّة... بعد أن عوّد شعبه على الإعتقاد بأنّه الأوّل في كلّ شئ! كان ينتظر موسم الدّماء ....لحصد مغانمه الشّخصيّة.....قُتل خمسة آلاف تونسي ببنزرت لا نعرف إسم واحد منهم...ولا أيّ شئ عنهم.... حوّلهم بورقيبة إلى نكرات, مجرّد أسماء لأناس كانوا هنا...أطفال ونساء وشباب مقبلين على الحياة ولكلّ منهم حلم مشروع...وحلم الزّعيم لم يكن غير تحويلهم إلى أرقام...نكرات بسجلاّت الوفايات....وظلّت دولته الجهويّة الّتي أسّسها ووضع لها خلفاء من بعده.... ظلّت هذه الدّولة تتغنّى وتتغذّى من هكذا إنجازات ! و هي لا تنسى أبدا قراءة فاتحة الكتاب ووضع أكاليل الورود على قبورهم...شهداء "الجلاء"! .كم هو طيّب ذاك الزّعيم! ألم يحمنا من صالح بن يوسف والأزهر الشّرايطي و"الفلاّقة" ...نعم "فلاّقة" هكذا ينعت المقاومون من قبل بورقيبة..."الفلاّق" هو قاطع الطّريق والسّارق للثّروة الغابيّة (قاطع الأشجار بدون وجه حقّ) ؟ ثمّ أنقذنا من النّقابيّيين ...والشّيوعيين والبعثييين والقوميين...و المارقين في 26 جانفي و3 جانفي والإسلامييين.....كم هو طيّب ذاك الرّجل... كم هو طيّب بورقيبة ألم تغنّيه فتحيّة خيري في لحن لصالح المهدي "زرياب" البلاط قائلة ....ويا خيبة المسعى لو صحّ ما قالت!! في أغنية "سلامات سلامات يا غالي علينا" : " بورقيبة يا نور من الجنّة"

فليكن بورقيبة نور من الجنّة أوشرر لنار من فرن خبّاز....ليس هذا ما يهمّنا في معرض الحديث عن الذّاكرة الوطنيّة اليوم. إنّ الذّاكرة تقتضي وجود الوطن في الواقع والممارسة لا المخيال والخطب والشّعارات الإنتخابيّة. وإنّ نظاما لا يضمن للمواطنة شروط ممارستها لا يسمح إلاّ بذاكرة مبتورة , "مثقوبة"....ذاكرة مأدلجة ..لا مستقبل لها. وإنّ سجلاّت بورقيبة والبورقيبييين ستفتح يوما ولو كره الكارهون وسنرى ...و ترى أجيال ستأتي من بعدنا ما تزخر به ذاكرة الوطن من عجائب وغرائب...إنّ محكمة التّاريخ لا تضمن للأسرار حفظا ... و أجراس الحقيقة بدأت تدق لتوقظنا من غفوتنا وتنفض على المسكوت عنه غبار السّنين....ففي شهر نوفمبر من العام 2004 قال السّيّد نورالدّين حشّاد نجل الفقيد فرحات حشّاد خلال لقاء نظّم (المؤتمر الدّولي الأوّل حول حشّاد) بسعي من "مؤسّسة التّميمي" , قال " نحن نعلم الآن كيف وقع إيقاف الجنات ( قتلة والده) بالتّراب التّونسي....وكيف غادروا البلاد ( فرارا من العدالة) بموافقة بورقيبة"! ....هذا ما قاله نورالدّين حشّاد وهو كلام لو قيل ما يضاهيه حساسيّة في تاريخ الشّعوب بإحدى الدّيموقراطيّات الحقيقيّة ...لآرتجّت ساحتها السّياسيّة آرتجاجا رهيبا قد تسقط بفعله حكومات وتنشئ أخرى.... وإنّ ما جاء في شهادة أحد عناصر عصابة "اليد الحمراء" في برنامج وثائقيّ بثّته قناة "الجزيرة" يدعم قرينة الشّكّ في ضلوع بورقيبة بصورة أو بأخرى في آغتيال حشّاد... في تونس ضلّ كلام السّيّد نور الدّين حشّاد ...موجّها لأغلبيّة .... غير مؤهّلة لفهمه لأنّها...غالبيّة عصبيّة "ًمُبَرقبة" ألم أقل لكم أنّ بورقيبة رحل بيولوجيّا فقط......أمّا فرحات حشّاد ... فلم يمت ولم يرحل عنّا ...أجل ...لقد شوهد إلى جانب أبناء الشّعب بالرّديّف والصّخيرة... و وعد أبناء الشّعب بأنّه سيعود... من العقل والقلب والضّمير فينا...نحن أبناء الشّعب الّذي أحبّه حشّاد ولم يخنه نعلن أنّ...حشّاد سيعود !
عادل الزّيتوني
6-أفريل 2010


1 comment:

Unknown said...

Un article d'une classe exceptionnelle, merci dr Ahmed a mon nom et au nom de tous ceux qui aiment la Tunisie

Abdessalem