Search This Blog

Sunday, May 30, 2010

Tunisie: l'opposition n'est pas pour détruire, par Ahmed Kedidi


المعارضة ليست للتخريب
بقلم: د.أحمد القديدي
في عالمنا العربي تعيش النخب حاكمة كانت أو مستقلة أو معارضة إشكالية صعبة

و معقدة لم نتوصل بعد إلى حلها أو تجاوزها، بل لعلنا ننفرد بها من دون الأمم الأخرى التي نهضت. و كان الزميل الكبير فريد زكريا ( كاتب إفتتاحيات نيوز ويك وهو مفكر مرموق مسلم ومن أصل هندي و أمريكي الجنسية ) يقول لي حين نشترك في مؤتمر في الدوحة :" إن العرب يشكلون إستثناء في العالم لأنهم لم يجدوا بوصلة حضارية يهتدون بها لتحمل أمانة المواطنة". هذه الكلمات أتذكرها من حين لآخر عندما تطرأ في إحدى البلدان العربية إشكالية تتعلق بمسؤولية النخبة و بعلاقة النخبة بالوطن و الفرق بين الموقف السياسي المسؤول و بين الفوضى الهدامة.
تستعد الحكومة التونسية هذه الأيام لتقديم مشروع بند قانوني ينظر فيه مجلس النواب قريبا ليضاف إلى الفصل 61 من المجلة الجزائية وهو فصل متعلق بالإعتداء على الأمن الخارجي للبلاد و التخابر مع دولة أجنبية. و نقلت وسائل الإعلام بأن السيد رئيس الجمهورية التونسية أكد على ضرورة حماية مصالح البلاد الحيوية من كل طعن و إنتهاك مشيرا إلى المسؤولية الوطنية التي يجب أن يتحلى بها كل تونسي مهما كان انتماؤه، و قال الرئيس التونسي بأن ما يشهده العالم من تحولات و تطورات كرّس البعد الإقتصادي كأولوية أساسية في دعم مقومات الإستقرار و المناعة. إن غاية هذا البند كما نرى هي حماية المصالح الحيوية للبلاد و أهم ركن من أركان تلك المصالح هو إقتصادها الذي يقوم بدور صيانة الأمن و الإستقرار، و يعتبر المس من هذه المصالح تخريبا لأسس معيشة الشعب و ليس مجرد إرباك أو إحراج للحكومة.
و إني لا أخفيكم أنني كمواطن تونسي عربي أشعر بالخجل حين أرى بعض التونسيين القلائل يتجولون في معابر مقر البرلمان الأوروبي في سترازبورغ أو مقر مجلس الإتحاد الأوروبي في بروكسيل يهرولون وراء هذا و تلك من أعضاء البرلمان أو المفوضيات لإقناعهم بضرورة تعطيل عملية إعتبار الجمهورية التونسية شريكا مميزا للإتحاد، مقدمين أنفسهم كحقوقيين و دعاة معارضة و مذكرين مخاطبيهم بالفصل الثاني من معاهدة الشراكة الأورو متوسطية الذي ينص على حماية حقوق الإنسان. و شعوري بالخجل سببه أنني لا أقبل تحت أية تعلة أن يتحول مواطن تونسي إلى عدو – لا للحكومة فذلك حقه إن أراد – بل للشعب التونسي و مصالحه الحيوية و مستقبل أجياله التي سوف تغتنم مكانة تونس كشريك مميز للإتحاد الأوروبي مثل بعض البلدان الأخرى التي تحظى بهذه المعاملة. الغريب أن هؤلاء يدركون بأنهم يدمرون إقتصاد بلادهم ويشوهون سمعتها و ينتصبون أعداء ألداء للشباب التونسي من أبنائهم و إخوانهم.
فالشراكة المميزة مع الإتحاد الأوروبي تفرضها العلاقات الإقتصادية بين ضفتي البحر المتوسط كما تحتمها الروابط التاريخية و الجسور الثقافية وهي بالتالي تفتح في وجوه شبابنا أفاقا جديدة من التعاون و التشغيل و كسب المهارات و إقتحام المبادرات و من الإجرام في حق تونس و شبابها أن يسعى البعض القليل من أشباه المعارضين إلى النيل من هذه المصالح التي سماها القانون بالحيوية، وهو على حق.ثم إن أغلب دول العالم لديها ترسانة من القوانين لحماية أمنها الإقتصادي من عبث العابثين و أول هذه الدول الجمهورية الفرنسية التي يتخذها هؤلاء عادة نموذجا و منارة. فقد وجدت في كتاب للصديق المازري الحداد (لا لهدم قرطاج) تذكيرا بالفصل 80 من المجلة الجزائية الفرنسية و نصه حرفيا : " يعاقب بالسجن لمدة تتراوح من عشرة أعوام إلى عشرين عاما كل من يتخابر مع جهة أجنبية بصورة تمس من الوضع العسكري و الدبلوماسي لفرنسا أو تنال من مصالحها الإقتصادية الحيوية" ( المرجع : القانون الجزائي. نشر دالوز 1993-1994 الفصل 80 صفحة 128).
و لا بد أن نلاحظ من جهة أخرى بأن القانون الفرنسي تفطن إلى تعلة حقوق الإنسان التي ربما يتذرع بها البعض من هؤلاء فأوضح في البند 3 من الفصل 80 ما يلي: " إن تجريم هذه الممارسات المنصوص عليها لا يتناقض مع المعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان و لا يمكن إعتبار هذه الجرائم كممارسة لحرية التعبير". و كان كتاب المازري الحداد الذي صدر منذ سنوات يدين ممارسات غريبة تقع تحت طائلة مثل هذا القانون لأن بعض التونسيين عملوا على تعطيل الشراكة التونسية الأوروبية أو نادوا بمقاطعة السياحة في تونس!!! و اليوم في عواصف العولمة نكتشف بأن بلدانا أوروبية مثل اليونان تجد نفسها مهددة بالإفلاس رغم ضخ المليارات الأوروبية فيها و نكتشف بأن تونس ذات المناخ الشحيح و الثروات الطبيعية النادرة تواجه الأزمات الدولية بعبقرية شعبها و حكمة رئيسها و تدشن مخططها الخماسي (2010-2014) بإرادة صلبة و نتائج باهرة. ولذلك نعتقد بأن قانون حماية مصالحها الحيوية هو ليس حقا فحسب بل واجب.لقد أثرت هذه النماذج من السلوكيات غير المسؤولة لأبيّن بعض الحدود الفاصلة بين موقف النقد و المشاركة السياسية ( وهما مشروعان ) و بين موقف تخريب مكاسب شعب. صحيح أنه لا أحد يدعي بأن هذه البلاد أو تلك بلغت أعلى مراتب الكمال لكن الأمانة تقتضي الإقرار بجهود كل العاملين داخل و خارج الإطار الرسمي من نخب محترمة و كفأة تقوم بحمل أمانة الشعب و تسهر على أمنه و إستقراره و رخائه
.رئيس الأكاديمية الأوروبية للعلاقات الدولية بباريس
*صحيفة " الوطن" - تونس 28 ماي 2010

No comments: