Search This Blog

Saturday, July 03, 2010

Israël et le PKK


"إسرائيل" تنتقم بعصا "الكردستاني ـ PKK"

إبراهيم البيومي غانم، كاتب ومفكر سياسي عربي من مصر

خاص ـ الحقول / لا حاجة لكثير من الاجتهاد لكشف علاقة إسرائيل بالهجمات الدموية التي استأنفها "حزب العمال الكردستاني" بضراوة ضد الدولة التركية بالتزامن مع أحداث قافلة الحرية والهجوم الصهيوني الدموي عليها في نهاية أيار/مايو الماضي.

فإسرائيل بحاجة لـ"الكردستاني" كي تثأر من تركيا وتصفي حساباتها معها لوقوفها إلى جانب الفلسطينيين وقضيتهم العادلة، و"الكردستاني" بحاجة للدعم الاستخباراتي واللوجستي الذي يقدمه جهاز "موساد" المتغلغل في شمال العراق المحتل؛ كي يحافظ على وجوده بشن مثل هذه الهجمات ويقطع الطريق على مبادرة الانفتاح الكردي التي تبنتها الحكومة التركية لمعالجة المشكلات والمطالب الكردية.

إسرائيل ليست وحدها بوارد معاقبة تركيا على توجهاتها الجديدة، وربما تكون هي الأقل رغبة في ذلك إذا قارناها برغبة الولايات المتحدة والقوى الأوربية ذات الإرث الكولونيالي القديم في المنطقة مثل فرنسا وبريطانيا وإيطاليا.

جميع هذه القوى تريد أن تعاقب تركيا على التوجهات الجديدة لسياساتها الإقليمية وخصوصاً تجاه سوريا وإيران وحركات المقاومة في لبنان وفلسطين، كما تريد لتركيا أن ترجع إلى وضعها السابق كدولة مقطوعة الصلة بالعالم العربي عامة، وبالقضية الفلسطينية خاصة، وأن تظل حبيسة مشكلاتها الداخلية وخصوصاً المشكلة الكردية، إضافة إلى مشكلة الأرمن.

السياسة الإقليمية الجديدة لتركيا باتجاه توثيق علاقات التعاون والصداقة مع إيران وسوريا تتناقض "على طول الخط" مع السياسة الصهيونية، والأهم من ذلك أنها تتناقض مع سياسات الهيمنة الغربية تجاه وطننا العربي وأمتنا الإسلامية عامة.

السياسة التركية باتجاهاتها الجديدة تكسر العزلة الدولية المفروضة على كل من سوريا وإيران، وتقوي موقفهما التفاوضي في الملفات الشائكة التي تهم كلا البلدين: الملف النووي الإيراني والمواجهة مع الولايات المتحدة، وملف السلام على المسار السوري الإسرائيلي. كما تحبط هذه التوجهات التركية الجديدة التخطيط الصهيوني لعزل المقاومة الفلسطينية واللبنانية، حماس والجهاد، وحزب الله، بحرمانها من الدعم السوري والإيراني. ومثل هذه التحولات تتناقض مع الرغبات والسياسات الصهيونية والغربية عموماً.

ما يزعج الدوائر الصهيونية من تركيا هو أن توجهاتها الجديدة تجاه المنطقة وتدخلها المتنامي في قضاياها الشائكة، تفتح أفقاً جديداً لقوى الممانعة المناهضة للمشروع الأمريكي/ الصهيوني بعد أن ظنت السياسة الأمريكية/ الصهيونية أنها نجحت في فرض عزلة إقليمية ودولية عليها. وأوضح مثال على ذلك هو تمسك الحكومة التركية بموقفها المبدئي من حركة حماس باعتبارها حركة مقاومة مشروعة، تناضل من أجل انتزاع حقوق الشعب الفلسطيني، وليست حركة إرهابية حسب التوصيف الصهيو/ أمريكي/ أوربي.

خروج السياسة التركية إلى ما وراء الأناضول، هو المشكلة الإستراتيجية الأكبر لقوى الهيمنة الأمريكية والأوربية والصهيونية. والحل الأمثل لهذه المشكلة من المنظور الصهيو/ أمريكي هو في إعادتها مرة أخرى إلى حيث كانت على مدى ثمانية عقود: أي أن تقتصر على كونها دولة هامشية على أطراف القارة الأوربية العجوز، وذراعاً أمنياً لحلف الأطلسي وفق مفاهيم الحرب الباردة. وهذا بالضبط ما لا ترضاه القيادة السياسة التركية في عهد حكومة العدالة والتنمية. فهذه القيادة تخطط بشكل منهجي منظم لتجاوز هذا الوضع وتراه غير لائق بمكانة تركيا، وتسعى لتأسيس نظام إقليمي جديد، تكون هي قلبه النابض، وصانع السياسات الكبرى فيه، وتكون أيضاً هي نقطة الجذب الاستراتيجي للقوى الإقليمية العربية والتركية والإيرانية التي تنتمي إلى المركز الحضاري الإسلامي الذي يجمع كل هذه القوى.

معنى ذلك أننا أمام رؤيتين متضادتين؛ الأولى تراها تركيا لذاتها ولأحوالها الداخلية ولدورها الأقليمي وتسعى الحكومة لوضعها موضع التطبيق منذ وصولها للسلطة في نوفمبر 2002، والثانية تراها قوى الهيمنة لتركيا، وترسم من خلالها "وضع تركيا" بما يحقق مصالح تلك القوى في المقام الأول. وكل الدلائل تشير إلى أن قوى الهيمنة تدفع تركيا دفعاً للغرق في مواجهات متعددة الأطراف في الداخل مع أحزاب المعارضة، والقضاء المسيس، وقوى الدولة العميقة ومنظماتها السرية، من جهة، ومواجهات في الخارج مع إسرائيل وتداعيات عدوانها على قافلة الحرية، والمواجهات الممتدة مع حزب العمال الكردستاني الذي تحركه أياد أجنبية داخل وخارج تركيا من جهة أخرى.

هناك إذن محاولات منظمة لتخريب السياسة الخارجية التركية الجديدة، وتقويض عوامل القوة الداخلية التي تستند إليها وفي مقدمتها الاستقرار السياسي، والرسوخ الديمقراطي، والنمو الاقتصادي. وفي هذا السياق تحركت قوى الدولة العميقة في تركيا بالتعاون مع حلفائها في الداخل والخارج، ووظفت أدواتها ومنها "حزب العمال الكردستاني" لتصعيد المواجهة مع حكومة العدالة والتنمية.

إذا نظرنا من منظور "كردستاني" صرف للهجمات التي راح ضحيتها أكثر من عشرة جنود أتراك خلال يونيو الجاري وحده، سنجد أنه ليس من المعقول أبداً أن تكون مثل هذه الهجمات والأعمال الإرهابية وإراقة الدماء هي جزاء حكومة العدالة والتنمية التي انتهجت سياسة الانفتاح الديمقراطي على الأكراد بهدف إيجاد حلول جذرية لمطالبهم والعناية بمناطقهم التي تعاني من الحرمان والنقص في كثير من الخدمات والمشروعات التنموية منذ عشرات السنين، ولم تشهد هذه القضية الشائكة انفراجة حقيقية إلا على يد حكومة أردوغان.

لا يعقل ذلك اللهم إلا إذا كان الزعيم الكردي عبد الله أوجلان -الذي يقضي عقوبة السجن مدى الحياة في تركيا- وأتباعه لا تعنيهم مصلحة الأكراد، ولا تهمهم مشكلاتهم أو حقوقهم، على حد ما نفهمه من تصريحات المحامي حسين يلدريم، الذي كان مقرباً من الزعيم أوجلان قبل أن ينشق عنه، فقد نقلت عنه وكالة "جيهان" التركية تصريحات قال فيها إن "حزب العدالة والتنمية هو القادر على تلبية احتياجات الأكراد"، وفي رأيه أن سبب تصاعد هجمات الكردستاني مؤخراً هو "سياسة الانفتاح على الأكراد التي تتبناها حكومة العدالة؛ لأنها إذا قدر لها النجاح، فإن ذلك يعني نهاية عبد الله أوجلان". ورغم تنديد الإدارة الأمريكية بهجمات الكردستاني، إلا إن كثيرين من الخبراء العسكريين يرون أن نوعية الهجمات ودقتها لا تسمح بها قدرات حزب العمال الكردستاني وحده، وأن الحزب غالباً ما يكون قد تلقى دعماً من الاستخبارات الإسرائيلية أو الأمريكية، أو منهما معاً لإحراج حكومة رجب أردوغان، وإفشال مساعيها لتقوية جبهتها الداخلية ورفع المظالم الواقعة على قسم من شعبها دون وجه حق.

الحكومة التركية لم تتردد في استئناف عملياتها العسكرية ضد مواقع الكردستاني في شمال العراق. وتصريحات رجب أردوغان أثناء مشاركته في تشييع الجنود ضحايا الهجمات، تضمنت الكثير من التهديد لإرهابيي الكردستاني، متوعداً إياهم بأنهم "سيتوارون في ظلامهم، وسيغرقون في دمائهم، ... لم نستسلم لانتشار العنف ولن يكون ذلك في المستقبل". ولكن هل معنى ذلك أن الحكومة ستتراجع عن خطة الانفتاح التي اعتمدتها تجاه الأكراد؟. وهل ستقع في الفخ الإسرائيلي الذي نصبته عقاباً لها على تحركاتها تجاه غزة والقضية الفلسطينية؟.

في رأينا أن الحكومة التركية ليس أمامها إلا المضي بثبات ودون تردد في خطة "الانفتاح الكردي"؛ ليس فقط لدعم مسار التحول الديمقراطي الذي أحرزت فيه نجاحات باتت محل تقدير جميع مواطني تركيا، وإنما أيضاً لقطع الطريق على تدخلات القوى الأجنبية، والمنظمات التخريبية التي تسعى لإجهاض تجربة العدالة والتنمية، ووقف انتشار تأثيراتها في محيطها الإقليمي وبخاصة باتجاه العالم العربي الذي يئن من فرط الاستبداد والفساد وانعدام الدور.

ليس أمام حكومة العدالة والتنمية سوى المضي في خطة الانفتاح على المجموعات الكردية سياسياً وديمقراطياً، وأن تصغي للأحزاب الكردية الممثلة في البرلمان، وأن تنفتح على منظمات المجتمع المدني الكردية، وغيرها من الفعاليات المدنية من أجل تعميق الخروج الآمن من هذه القضية المزمنة؛ ذلك لأن الدرس الأكبر الذي أثبتته المواجهات الدامية بين الحكومة والكردستاني منذ منتصف الثمانينيات من القرن الماضي هو أن الحل العسكري لهذه القضية غير ممكن، وغير مفيد لا الآن ولا في المستقبل.

ستكسب حكومة العدالة والتنمية كثيراً إذا استطاعت الاحتفاظ بتصميمها على مبادرتها الديمقراطية تجاه الأكراد، وإذا استطاعت أن تفوت الفرصة على الأعداء الداخليين والخارجيين الذين يتكاثرون عليها من أجل إحباط التحولات التي أنجزتها حتى الآن في سياساتها الداخلية والخارجية. فهؤلاء الأعداء سعوا، وسيسعون إلى توريط تركيا في سلسلة من الأزمات حتى تنكفئ مرة أخرى على ذاتها، وتتخلى عن طموحاتها الإقليمية والعالمية، وتغرق في مشكلاتها الداخلية، وتنفتح الأبواب أمام التدخلات الأجنبية. وفي ضوء هذا نستطيع قراءة التصعيد المفاجئ للهجمات الإرهابية التي يشنها حزب العمال الكردستاني، الذي انتهى أمره كي يكون مجرد عصا في يد السياسة الصهيو/ أمريكية.

إبراهيم البيومي غانم، كاتب ومفكر سياسي عربي من مصر

الأحد, 27 حزيران 2010
http://www.alhoukoul.com/article/3651/




No comments: