Search This Blog

Monday, November 08, 2010

Tunisie: 08/11/1987? الثامن من نوفمبر سنة 1987 أو المجموعة الأمنية


تقديم

سمعت باسم د.منصف بن سالم لأول مرة في شهر جويلية 1991 عند ما سلمنى مهاجر تونسي مجموعة وثائق تخص المنصف بن سالم و تشتمل على نسخ من تقارير منظمات حقوقية و هيئات و شخصيات علمية و رسائل تطلب من رئيس الجمهورية التونسية إطلاق سراح بن سالم. وطلب مني أن أعمل شيئا في الموضوع مع المنظمات الحقوقية الأوروبية.

لم أعمل شيئا يذكر إلى حد شهر حزيران / جوان 2002 عندما جاءتني رسالة من أحد أعضاء لجنة مساندة المنصف بن سالم في الخارج، يطلب مني تحريك الملف. فكتبت رسالة للمعني بالأمر أطلب منه مزيدا من المعلومات عن شخصه و طبيعة نشاطه، خاصة و قد علمت خلال تلك السنوات أنه كان قائد المجموعة الأمنية، و لا يمكن في هذه الحالة تقديمه كعالم و ناشط حقوقي مقموع لعلمه و نشاطه الحقوقي. و قد تعهدت له في الرسالة بأني سأنشر له كتيبا عن وضعه إن هو بعث لي بالمادة المطلوبة في الموعد. و تحركت مع ذالك على مستوى اليونسكو.

و في 26 مارس 2003 و صلتني وثيقة في خمسين صفحة، منها ثلاث صفحات عن المجموعة الأمنية التي قال فيها السيد راشد الغنوشي، "أنها لا تلزمنا" و البقية تخص سيرته الذاتية.

الآن مرت ثلاث و عشرون سنة على هذه القضية و يحق للتونسيين أن يعرفوا بعض ما حدث برواية قائد المجموعة الأمنية

و لكل أن يقرأها كما أراد و أشير إلى أني بعثت في سنة 2006 بهذه الورقة إلى النقيب الأسبق في الجيش التونسي عبد الحميد العداسي المشارك في هذه المغامرة و في المغامرة التالية و كان رأيه أن فيها بعض المبالغة، كما عرضتها على آخرين من زملاءه و أعطوا آراءهم أيضا، ثم أني شخصيا دققت في المسألة مع السيد صالح كركر و سيأتي موعد نشر كل ذلك!

أحمد المناعي

08/11/2010
____________________________________________________


الثامن من نوفمبر سنة 1987 أو المجموعة الأمنية

د. منصف بن سالم

"بعد صدور حكم محكمة أمن الدولة و بعد الممارسات الوحشية للبوليس و صدور ألاف الأحكام الأخرى من المحاكم الجهوية و كانت كلها مجحفة و لا تستند إلى أي قانون أو أخلاق قضائية علمنا أن بورقيبة استدعى وزيره الصياح،و طلب منه تحضير محاكمة أخرى يتم بموجبها حصد 30 رأسا من كبار الإسلاميين، عندما جاءت فكرة التصدي بالقوة للجنون البورقيبي و زبانيته فكانت المجموعة الأمنية التي سميناها، مجموعة الإنقاذ الوطني، تفاصيل تكوينها لم يحن بعد الوقت لنشرها.

المجموعة تكونت بسرعة خيالية وهي تضم عددا من العسكريين من شتى الرتب ومن رجال الأمن بكل أصنافهم و من المدنيين، وضعت المجموعة لنفسها هدفا واحدا هو إزاحة بورقيبة و من سار في دربه عن الحكم أما وسائلها فهي سلمية إلى أبعد حد ممكن و لذلك تم جلب 5000 مسدس غازي من الخارج قمنا بتجربته على أنفسنا للتأكد من عدم إلحاق الضرر بالمستهدف، دور المسدس هو تحييد المستهدف لمدة نصف ساعة،

وسائل الدفاع الأخرى من الأسلحة النارية و الدبابات و الطائرات العسكرية تكون بيد رجال المجموعة. و ما لم يكن كذلك يتم تحييده قبل بدء العملية بساعات محسوبة و مدققة، اخترنا أن تكون العملية أفقية أي تعتمد على العنصر القاعدي أكثر منه على القيادات. كما خططنا لدمج المدد المدني في الساعة الثانية و الثالثة من البدء. فقد عرفت لعاصمة هيجان شعبي لم يسبق له مثيل في المظاهرات و استطاعت الحركة أن تنزل للشارع مسيرات يصل عدد المشاركين فيها عشرات الآلاف رغم البطش البوليسي.

اجتمعت قيادة المجموعة يوم 15/ 10/1987 و بعد مسح لإمكانياتنا و مواقعنا قررنا أن يكون يوم 7/11/1987 آخر أيام بورقيبة في الحكم وهو ما تم بالفعل.

في أوائل تشرين الثاني نوفمبر علمنا أن بورقيبة استدعى الصياح و طلب منه تحضير أمر بتسميته وزيرا أول عوضا عن بن علي مقابل ذلك أن يقطع 30 رأسا من الإسلاميين و كان رد الصياح أن يؤخر التسمية هذه ليوم الاثنين الموافق ل 9/11/1987

من جهة أخرى علمنا من أوساط مقربة من الصياح أن خلفيته في تأخير التسمية هو تنفيذ خطة القضاء على بن علي و الإسلاميين معا. يوم11/7 هو عيد الشجرة ومن المفروض أن يقوم بن علي نيابة عن بورقيبة بالإشراف على هذا العيد في إحدى منتزهات المنار بضاحية العاصمة، يتم اغتياله و إلصاق تهمة الاغتيال بالإسلاميين فتعاد محاكمتهم و يحقق غرض بورقيبة إلا أن ما تم لم يكن كذلك. لئن كان معظم عناصر المجموعة الأمنية من الإسلاميين فهي لم تخل من عناصر لم تكن لها تلك الميولات و إنما اتصفت بالشهامة و الثقة و حب الوطن و الكراهية لنظام بورقيبة،

كان وقتها كلام الناس ألا يوجد رجل في هذا البلد يزيح بورقيبة و يريح الأمة من هستيريته؟

يوم 5/11/1987 احد أعضاء المجموعة من الدائرة الثالثة وهو عون من النظام العام كتب ورقة فيها ما له و ما عليه من الديون و سلمها لخاله للاحتفاظ بها. هذا الأخير قرأ الورقة فبعثت في عقله شكوك كثيرة. الجو العام يبعث على ذلك ألح على ابن أخته أن يصارحه بالأمر ووعد بكتمان السر و أقسم على ذلك. العون لم يكن يعلم الكثير فهو في الدائرة الثالثة سوى أنه سيقوم صحبة 3 من رفاقه بتعطيل بعض الآليات في ثكنة النظام العام يوم 7/ 11/1987.

الخال هذا أخلف وعده و سارع بإعلام وزير الداخلية حيث كان يعمل وكيل أول في الشرطة مكلف بالتمريض في المصحة. الوزير الأول هو نفسه وزير الداخلية أي بن علي. أمر بإيقاف العون و الرفاق الثلاثة يومها. الأعوان الأربعة لا يعلمون كثيرا عما سيجري يوم 7/11/1987. إذن لم تتمكن السلطة من التصدي إلى العملية. فالسلطة تعلم حجم الإسلاميين كما أن المخابرات الغربية و على رأسها الأمريكية لم تكن قد علمت شيئا رغم قوتها و اختراقها لكل أجهزة الدولة فالأمر جد خطير بالنسبة للنظام العام.

يوم 6/11/1987. انعقد اجتماعان: الأول في وزارة الداخلية برئاسة بن علي، تم فيه جلب جل الوزراء و كنا على علم بذلك و الثاني في منزل بباردو برئاستي وضم عددا من قيادات الأجهزة المختلفة التابعة للمجموعة و لم تكن السلطة على علم به.

رجال المجموعة كانوا في المواقع الحساسة في انتظار أوامر البدء أو ساعة الصفر المحددة لكل عمل. عندما بدء بن علي و جماعته التغيير ليلتها كان عناصر المجموعة في المقدمة أذكر على سبيل المثال مجموعة الكمندو التي اقتحمت قصر قرطاج كانت بقيادة الصادق غضبان وهو من المجموعة. و سجن معنا فيما بعد, بعد توسيمه و ترقيته من قبل بن علي.

طائرة الهليكوبتر بقائديها التي حملت بورقيبة من قرطاج إلى مرناق هي نفسها التي خصصناها نحن لنفس الصنيع

قائد قاعة العمليات بالعوينة المشرفة على امن تونس الشرقية أين توجد قرطاج و معظم النقاط الحساسة كان الرائد محمد المنصوري الذي قتل تحت التعذيب يوم 1/12/1987.

الحارسان لبن علي كانا من المجموعة و قد سجنا معنا بعد التوسيم.

الإيقاف الأول

بعد التغيير بحوالي أسبوعين أعيد بحث الموقوفين الأربعة و نظرا لجو الانشراح السائد بعد إزاحة بورقيبة فقد وقعت هفوات كثيرة مردها إلى إن الإخوة اطمأنوا للخطاب الجديد الذي جاء فيه أن آخر أيام بورقيبة لا تحتمل و لا تطاق ضنا منهم أن بن علي سيفتح صفحة جديدة و أن انكشاف المجموعة الأمنية ليس فيه أي خطر. فالمفروض أن يجازي بن علي من أعانه على التغيير و كان بإمكانه التصدي له

إذن وقعت هفوات وثغرات مكنت أجهزة أمن الدولة من إلقاء القبض على 157 عنصرا كنت تقريبا أخر من أوقف يوم 26/11/1987 مساء.

في زنزانات أمن الدولة كان التعذيب رهيبا وصل إلى حد القتل و الشلل و قطع جلدة الرأس و التهديد باستعمال الزوجات، كنت في زنزانة 16 بالدور الرابع لم يكن فيها دورة مياه و لا يحق لي الذهاب الي المرحاض إلا مرة في اليوم و لمدة لا تزيد عن دقيقة واحدة مما حدا بي إلى الإحجام عن الأكل حتى لا أصاب بكارثة صحية.

كان الطعام يقدم لنا في علب الطماطم القديمة و المتصدية و كان طعامنا لا تأكله الكلاب. كنت أسمع صياح المعذبين ليلا نهار. و كنت أقول لنفسي أين التغيير؟ أين بيان 7/11؟ أين الوعود؟ أين صدق المسؤولين؟

دام التحقيق حتى بداية كانون الثاني يناير 1988. تم بعد ذلك إحالتنا على حاكم التحقيق العسكري. كنت آخر من بقي في الداخلية بمعية العون الذي كشف المجموعة. انقلب أثناء الإيقاف و صار مخبرا للبوليس.

علمت فيما بعد أنه تم ترقيته ثم أرسل إلى إحدى السفارات التونسية بالخارج و الله أعلم.

المؤكد أنه لم يلتحق بنا في السجن و لم يدرج اسمه في تقرير ختم البحث لدى حاكم التحقيق العسكري حاولت السلطة في البداية عزلنا عن العالم بقينا حوالي سنة بدون وسائل إعلام من تلفزة و جرائد و رسائل. وصل بنا الحال إلى إشتراء جريدة الصباح بمقابل عشرة دنانير أي خمسين مرة ضعف ثمنها من سجين حق عام خلسة من الحراس.

لا يكفي ذلك حاولت السلطة أن تظهرنا للرأي العام على أننا مجموعة مفسدين لا غير. لكن والحمد لله لم تفلح في ذلك فقد نشرت بعض الصحف مقالات تحدثت فيها عن أعضاء المجموعة و تاريخهم بشيء من المصداقية وهو ما جلب لنا الاحترام و التعاطف من الشارع.

قلت مرة في مقابلة مع رئيس القضاء العسكري: سوف لن نحاكم. قال لي ولماذا وكيف؟ قلت له نحن قمنا بعمل ضد بورقيبة مثلنا مثل رئيسك بن علي. فان كان و لابد أن نحاكم فيجب أن نعيد بورقيبة للسلطة و ندمج بن علي و جماعته معا لنتحاكم جميعا. هذا هو المنطق.

قال لي : أنتم الآن في قارورة مغلقة يمكن أن نفعل بكم ما نشاء دون علم أحد؟

قلت له هذا خطأ. أنت تعلم أن عددا كبيرا من قيادة المجموعة فرت بالخارج و معها كل وثائق المجموعة المقدرة بحوالي 500 صفحة و هؤلاء العناصر ينتظرون نتيجة التحقيق لنشر ما يمكن نشره.

فوجئ مخاطبي بما قلت و لم يجد ما يقول. القول بأننا عصابة مفسدين كما تريد السلطة أن تمرره عبر وسائل الإعلام قوبل بالسخرية من الشارع التونسي و أعاد لأذهان الناس ما كانت عليه تلك الوسائل زمن حكم بورقيبة.

في صائفة 1988 بدأت السلطة بفتح قنوات للتفاوض معنا و قام المرحوم أحمد الكتاري بالدور الرئيسي في هذه المفاوضات.

السيد أحمد الكتاري من المقربين جدا لبن علي ويشغل مديرا عاما للسجون. كنت أنا و الدكتور ألصحبي العمري من جانب المجموعة في السجن.

طلبت منا السلطة اقتراح حل للمجموعة يحفظ ماء الوجه للسلطة التي تورطت في شتمنا و تشويهنا ظلما و عدوانا. بعد أخذ و رد اتفقنا على حل يرضي الجميع:

يقع إطلاق سراح المجموعة على 3 أفواج: الفوج الأول في نوفمبر 1988 و الثاني في مارس 1989 و الثالث في أفريل نيسان 1989 أكون أنا ضمن الفوج الأخير.

قبل خروج كل فوج يتم صرف مرتبات عناصره كاملة منذ توقيف الأجور. يكون الصراح بقرار وقف التتبع. و قد رفضت كما لازلت أرفض قبول عفو أيا كان شكله. فالعفو منطقيا من الله أو من المظلوم للظالم لا العكس.

كما اتفقنا على تكوين لجنة متناصفة منا ومن وزارة الداخلية و الدفاع بعد خروج الجميع من السجن تكون مهمتنا إعادة عناصر المجموعة لسالف شغلهم أو منحهم مناصب أخرى موازية لمهنتهم تم بالفعل ما اتفقنا عليه سوى أن أجور المدنيين من عناصر المجموعة لم تصرف و بقيت مجمدة إلى الآن.

غادرت السجن يوم 4 /5/1989 و كنت فعلا أخر من يخرج من المجموعة «

د.منصف بن سالم

26/03/2003

http://fr.f411.mail.yahoo.com/ym/showLetter?MsgId=7723_1710141_19074_926_1121...

No comments: