Search This Blog

Wednesday, August 08, 2012

Fayçal Jelloul: La révolution et le marché en crise


"الثورة" إذ تحترم الاسواق المأزومة.
فيصل جلول
الواضح ان الظروف الدولية الصعبة جراء ازمة الاسواق العالمية لا تتناسب ابدا مع  تطلعات الثوريين الذي تسلموا لتوهم زمام الحكم في تونس فهم يحتاجون ليس فقط الى  استمرار الموجات السياحية العارمة التي كانت تتدفق على بلدهم في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي فحسب وإنما يحتاجون ايضا الى تفعيل وجود الشركات الاجنبية التي كانت تعمل في بلدهم  والتي توفر فرص العمل لالاف التونسيين وتزود خزينة الدولة بضرائب هي بأمس الحاجة اليها . هذا اذا اردنا ان لا نتحدث عن المستقبل وبالتالي  الحاجة الى مليارات الدولارات من اجل اعادة الروح للاقتصاد التونسي وتوفير الرخاء  الذي وعدت به الثورة جمهورها وناخبيها  ذلك ان الرخاء لا يتم الا عبر زيادة الثروة  وهذه لا تزداد الا اذا توفرت الشروط الانفة الذكر فما بالك عندما تتراجع السياحة وترحل الشركات الاجنبية او تقلص حجم اعمالها ويضرب الكساد الاقتصاد الوطني.

 والواضح ان زيادة الثروة تحتاج الى  الاستقرار الذي يحتاج بدوره الى ايقاف الثورة والانخراط في المشروع الوطني الكبير الذي ما انفكت المعارضة السابقة  من قبل والحاكمة  اليوم تعد به جماهيرها ومؤيديها وهذا يستدعي الانتقال من الثورة الى الدولة دون المرور بفترة " التصفيات"  التي تعودت الثورات القيام بها وايضا من دون تثوير العلاقات الخارجية التي رافقت كل الثورات تقريبا.

والانتقال من الثورة الى الدولة يعني بكل بساطة ادارة الازمة ومعالجة اثارها السلبية على سوق العمل والإنتاج في تونس والمعالجة تحتاج الى رساميل اجنبية لضخها في الاقتصاد المحلي ولهذه الرساميل عنوان كبير هو المؤسسات المالية الدولية التي تعطي الاولوية اليوم للسوق الاوروبية المأزومة اي للاتحاد الاوروبي المهدد بالانفجار جراء الازمة وان اعطت اهتماما لدول ومناطق اخرى فذلك يتم بشروط لا تنطوي على اية افضلية لتونس بل ربما تثقل كاهل الاقتصاد التونسي بدلا من حل ازمته .

اما العنوان الثاني للرساميل فهو دول الخليج التي وان كانت تملك احتياطيات مهمة من العملة الصعبة الا انها لن تكون قادرة على اقراض ومساعدة مصر وتونس وليبيا واليمن والبحرين وسلطنة عمان  وغيرها دفعة واحدة وفي وقت واحد ناهيك ان للخليجيين اولوياتهم ايضا الخليجية والعربية والاقليمية والدولية وبالتالي سيكون من الصعب على الحكومة التونسية ان تراهن على الرساميل الخليجية في حل الازمة كلية وفي افضل الحالات يمكن ان تراهن على حل جزئي يبقي الود بين الطرفين دون ان يشفي غليل الثوار التونسيين وجمهورهم الموعود بالرخاء والليالي الملاح.

ثمة من يعتقد ان مكافحة الفساد وبيع ما صودر من الاموال الخاصة للحكم السابق وانصاره يمكن ان يوفر الرساميل الضرورية لمواجهة الازمة وهذا الاعتقاد يعاني من سذاجة قاتلة ذلك ان التركة المذكورة تقدر بعشرات الملايين من الدولارات فيما الازمة تحتاج  الى مليارات كثيرة مضروبة بالعشرات.
وثمة من يعتقد ايضا بوجوب بيع ممتلكات الدولة والشركات المؤممة ناهيك عن شن حملة على المتمولين الفلسدين وفي ظني ان هذه الوصفة هي الاخطر لان بيع  شركات القطاع العام المؤممة من شأنه ان يحرم الدولة من هامش كبير للمناورة في اقتصاد السوق  وان يخاطر بطرد العمال والموظفين  اما " الضرب بيد من حديد على ايدي الفاسدين في سوريا فانه يمكن ان يوفر للدولة بعض الموارد بيد انه لن يحل المشكلة هذا فضلا عن احتمال اثارة مشكلة جديدة ناجمة عن قدرة الفاسدين على تحريك اسرهم واقاربهم وانصارهم ومراكز نفوذهم ضد الدولة الجديدة وحملها على خوض مواجهات باهظة الكلفة في الشارع.

ربما من سؤ حظ الثوار التونسيين ان  ثورتهم  وثورات رفاقهم قد تمت تحت سقف  اقتصاد السوق الذي تعهدوا باحترامه ولم تتم  ضد اقتصاد السوق كما هي حال الثورة البولشفية التي  كانت ثورة في الاقتصاد والمجتمع في ان معا او الثورة الايرانية التي رفعت شعار الاقتصاد الاسلامي والاخلاق الاسلامية. واذا كان صحيحا ان الثورتين قد اخفقتا في الاقتصاد الى هذا الحد او ذاك فالصحيح ايضا ان الثوار البولشفيك كما الايرانيين عاشوا سنوات سماح ذهبية مع شعوبهم اتاحت ترسخ النظام في بلادهم قبل ان تعود الجماهير نفسها الى المطالبة بحقوقها  الموعودة من طرف الثوار الشيوعيين والاسلاميين  في موسكو وطهران.

قد لا يطول الوقت حتى ينزل الناس الى الشوارع ويطالبون بالخبز بعد ان نالوا الحرية والضمان بعدم الاعتداء على مظاهراتهم وان حصل ذلك فمعناه ان على الحكام الذين جاءت بهم صناديق الاقتراع ان يرحلوا بأثر من ارادة الجماهير التي جاءت بهم وان يخلوا الحكم لمن هم اكفأ منهم وان لم يرحلوا  فانهم سيواجهون المتضررين من حكمهم في الشوارع  وان فعلوا فإنهم لن يختلفوا عن طغمة زين العابدين وبالتالي يتوجب خلعهم وهنا لن توفر لهم الايديولوجية الدينية ملاذا امنا فعندما يجوع المواطن لا ينتظر من حاكمه الوعظ والمزيد من الصلاة وتجويد الايات . ذلك ان الجوع كافر وهذا صحيح لكن مكافحته تحتاج الى الايمان والطعام في الان معا .. ما يعني ان على الحاكم الثائر ان يوفر الخبز والعمل لشعبه او ان يرحل كما رحل النظام السابق من قبل وكل كلام اخر  لا يعول عليه.
انتهى ,

No comments: