Search This Blog

Saturday, January 25, 2014

Hayat Hwik Attia: Mister Kerry



د. حياة الحويك عطية
مستر كيري!

"مستر كيري"!  هل كان من باب الصدفة او البلاغة ان يخاطب وليد المعلم جون كيري بالاسم عندما اراد ان يقول جملته العقدة في مونترو: لا احد غير الشعب السوري يقرر مستقبل الرئيس الاسد؟
 كل شيء ممكن الا المجانية في كل كلمة يقولها هذا الديبلوماسي المخضرم الذي كان من بين محطات مهماته الصعبة عمله كسفير لبلاده لدى واشنطن. ما اراده المعلم من خلال توجهه لكيري هو القول له اولا وللعالم ثانيا انك انت المفاوض الحقيقي الذي يواجهنا في هذه الحلبة الدولية.
المفاوض الرئيسي، لا لانه من يفرض قراره على الائتلاف فحسب، بل لان ثمة مفاوضات قد بدات بين دمشق وواشنطن، بشكل مباشر او غير مباشر عبر الروسي.
الصحافيون الحاضرون نقلوا كيف كان الروسي والصيني يتهامسان عندما كان السفير "فورد يدخل أعضاء الائتلاف إلى مؤتمر مونترو، ويجلسهم على مقاعدهم كأستاذ مدرسة"- بحسب تعبير احدهم. كما نقلوا من اسطمبول ان فورد ابلغ الائتلاف ان لهم الحق في ان يشكلوا وفدهم كما يريدون ولكن ليس لهم الحق في ان يرفضوا المشاركة.
غير ان المعلومات الاكثر اهمية هي تلك التي ابلغها ديبلوماسي اميركي في مونترو للصحافيين حول اتصالات بين الادارة الاميركية والحكومة السورية ، وحول اتفاق مع الروس على منع اقامة حكم اسلامي في سوريا، رغم ان واشنطن تحاول ان توفق بين هذا الغرض وبين استبعاد الاسد. فهل ان هذه العقدة المتبقية – وهي ليست بالهينة- هي التي اراد المعلم اعلان الموقف السوري منها متوجها الى كيري، فيما يعتبر كلمة التفاوض الحقيقية الوحيدة في جلسة السيرك السويسرية تلك؟
عملية التفاوض اذن جارية خارج جنيف ومؤتمرها. وما اعلنه هيثم مناع من على شاشة بي بي سي يؤشر الى نقاط اخرى تضعها واشنطن على الطاولة: استبدال الاسد بعلوي اخر ( لا باس ان يرشحه هو) والحصول على مقعدين في الحكومة ومقعدين في هيئة الاركان مواليين للولايات المتحدة ، وينتهي الامر.
كل عاقل يعرف ايضا ان هناك حزمة مصالح اخرى تدخل في الرهان، مصالح لا يدخل في حسابها الشعب السوري بشقيه المعارض والموالي، ولا تدخل في حسابها المطالب الاصلاحية التي تؤمن لهذا الشعب بشقيه مستقبلا افضل يضمن السيادة والوحدة وقوة الدولة. مصالح منها ما هو في سوريا ومنها ما هو في الاقليم ومنها ما يتعداه الى اسيا منذ ان اعلنت ادارة اوباما قرارها بنقل اهتمامها الى المحيط الهندي .
شبكة مصالح تطال الطرف الروسي، ومعه الصيني ، ولا شك ان  حساباتها  قد تم بحثها وترتيب ايقاع مسيرتها  خلال زيارة المعلم وظريف الى موسكو قبل جنيف.  
ايقاع قد يتضمن فشل جنيف 2 للوصول الى جنيف 3 بمشاركة المعارضة السورية الحقيقية والتي لها ثقل في الداخل ، والاّ فكيف يمكن فهم تخلي موسكو عن تمثيل هيئة التنسيق وسواها من تنظيمات المعارضة المعتدلة وغير الاسلامية؟
 وزير الإعلام السوري حدد، في مونترو، السقف التفاوضي: لا ممرات إنسانية بل رفع لمستوى إدخال المساعدات بإشراف الدولة. لا إطلاق شاملاً لسراح الاسرى، بل تبادل لمعتقلين من الجانبين. لا وقف شاملاً لإطلاق النار، بل تفاهمات أمنية يتم من خلالها خروج الجيش والمسلحين من بعض مناطق الاشتباك لتدخل الشرطة السورية. والأهم: لا تنحّي للرئيس. وقد تبين ان الاجزاء الاولى من بنود هذا السقف قد بدات تتحقق في جلسات جنيف، بدءا من  تراجع الائتلاف عن رفض التفاوض على الجزئيات قبل بحث تنحي الرئيس.وصولا الى اعلان الابرهيمي عن تامين المساعدات الانسانية بالتنسيق بين الامم المتحدة ومحافظ حمص. لكن السيرورة لم تلبث ان تعثرت وعاد برهان غليون يتحدث عن الفصل السابع ، وعاد الاخضر الابرهيمي يطرح مع المعلم موضوع الهيئة الانتقالية.  مما يؤكد حصول ضغوط متفاوتة على المعارضة في مقابل تماسك صلب في صف الوفد الحكومي.
لن يكون سهلا على واشنطن ولا على حلفائها الوصول الى اخر التراجع، خاصة وان هناك اطرافا مهمة من هؤلاء الحلفاء  ما تزال تقاتل لمنعه. واذا كانت واشنطن قد اضطرت للضغط على الامم المتحدة لتقديم ثمنا لمشاركة الائتلاف في جنيف بسحب دعوة ايران ، فانها تحاول حفظ ماء الوجه لها ولحلفائها بالمطالبة باقصاء الرئيس الاسد ثمنا لعقد صفقة نهائية.
 لكن موازين القوى قد تغيرت كما اعترف ديبلوماسي اميركي في مونترو للصحافيين مضيفا:  «لقد أصبحنا عقلانيين بعد أن كنا نؤكد أن الأسد سيسقط خلال شهرين ». اذن ما الحل؟ ومن سيدفع الثمن؟
لا بد من تصعيد يعبر عنه فلان او علان ( لااهمية للاسماء ) ومن غير المستغرب ان يكون الصوت هذا مواطنا فرنسيا اسمه برهان غليون ، في ضوء موقف فرنسي هو الاكثر تشددا لسبب يتعلق بالمطامع الفرنسية التي يبدو ان الروس والاميركيين لا ياخذونها بعين الاعتبار ، وعليه حاول الاوروبيون اتلويح بالعصا في مطار اثينا وحاولت اشتون مد جزرة للمعلم على طاولة الغداء في مونترو.
محاولات اوروبا المتنوعة هذه تتركها واشنطن ، بل وتوظفها حين تريد للاغراء او الضغط ، طالما ان الصفقة لم تنضج بعد. وعليه كان المعلم يعرف ما يقول ومن يخاطب عندما وجه كلامه للوزير: مستر كيري.

No comments: