Search This Blog

Thursday, January 09, 2014

L'ancien dirigeant Nahdhaoui Lazhar Abab:...


الأزهـــــر عبعــــــــــــاب (قيادي سابــق بـ «النهضـــــــة» وعضو المكتب السياسي لـ «التحالف الديمقراطي») لـ «التونسية»:«النهضة» جرّت الساحة السياسية إلى صراعات هامشيّة

08/01/2014 18:26

 على الدساترة الاعتذار للشعب قبل التسلــــــل الى الرّكح  السياسي

 الإرهاب أصبح ورقة مزايدة سياسية

 تمرير قانون صندوق تعويض المساجين السابقين إساءة لنضالهم



 حوار: أسماء وهاجر


 الأزهر عبعاب أصيل مدينة بنقردان زاول تعليمه الثانوي بمدنين والجامعي بالمدرسة القومية للإدارة ثم انتقل إلى باريس كلاجئ بعد أن وجهت اليه تهمة الانتماء إلى جمعية غير مرخص فيها وثلب رئيس الجمهورية وقضي في شانه غيابيا بالسجن مدة أربع سنوات. انخرط صلب الحركة  وصولا إلى قيادة الجامعة سنة 1979 كمسؤول عن  التنظيم للاتجاه الإسلامي بالجامعة إلي تاريخ 19 افريل1981 ...ساهم في تأسيس فرع لحركة الاتجاه الإسلامي بفرنسا وانتخب سنة 1982 كمشرف على هذا الفرع ,حكم عليه غيابيا بـ10 سنوات سجنا سنة 1987من طرف محكمة امن الدولة وقد تم اعتقاله بفرنسا سنة 1986بطلب من السلطات التونسية التي طالبت بتسليمه لكن المحكمة الفرنسية رفضت. كان عضوا بمجلس الشورى من  1991الى 1993, وجهت اليه سنة 1995تهمة التخطيط لقلب نظام الحكم وحكم عليه من اجل ذلك بـ11 سنة ونصف سجنا كما قضي في شأنه سنة 1997بـ11سنة لنفس القضية ثم استقال من حركة «النهضة» سنة 1994. عاد إلى تونس بعد الثورة بعد اكثر من 25سنة من اللجوء السياسي بفرنسا- يعمل خبيرا عقاريا هناك - .بعد الثورة ساهم في تكوين حزب «التحالف الوطني للسلم و النماء»وشارك في انتخابات 23 اكتوبر في دائرة مدنين, ثم ساهم في تأسيس «التحالف الديمقراطي» وهو حاليا عضو المكتب السياسي لهذا الحزب...
«التونسية» اتصلت به في مقر اقامته بفرنسا وحاورته – باعتباره قياديا سابقا في حركة «النهضة»- حول موقفه من أداء الحركة وحقيقة وفائها وهي في السلطة لمبادئها وتأثير خيبة تنظيم الاخوان على شعبيتها. كما تناول الحوار الأسباب الحقيقية لخروجه من هذا الحزب الذي كان من مؤسسيه. كما تطرق في حواره إلى العديد من النقاط الحساسة المتعلقة بعودة الدساترة في المشهد السياسي وحقيقة الصراع في قادم الأيام ....

 أنت من مؤسسي حركة «النهضة»... هل بدت غريبة عن مبادئها بعد أن أصبحت في السلطة ؟

ـ حديثي عن حركة «النهضة»  يفرض عليّ من الناحية الأخلاقية والمنهجية الفصل بين مرحلتين، مرحلة عشتها من الداخل كمناضل وقيادي في هذه الحركة لي الحق في تقييمها ونقدها كجزء من تجربتي الخاصّة ومرحلة ما بعد خروجي من هذه الحركة وهو ما يفترض أن يكون  تقييمي  لها على أساس المنافسة والموقع السياسي والحزبي الذي انتمي إليه اليوم أي «التحالف الديمقراطي».
رجوعا إلى السؤال عن «النهضة» كما عرفتها من الداخل وهل جعلتها تجربة الحكم تظهر غريبة عن المبادئ التي أسست عليها، في تقديري إن الأمر طبيعي لأن حركة «النهضة» كغيرها من أحزاب المعارضة في عهد النظام السابق لم تكن مؤهلة لخوض غمار تجربة الحكم نظرا للإقصاء الذي مارسه نظام الحزب الواحد الذي حكم تونس طيلة عهد بورقيبة وبن علي إذا استثنينا بعض الفترات الوجيزة والهامشية، وبالتالي كان هامش التنظيم والمساهمة في شؤون الدولة بالنسبة للمعارضة الجادة يكاد يكون منعدما، كما إن الأمر بالنسبة للإسلاميين لم يقف عند حدّ الإقصاء السياسي بل وصل إلى  إقصاء أعضائها وحتى مناصريها من المشاركة في الإدارة أو المؤسسات العامة وحتى الخاصّة منها.
هذا الفراغ الكبير الذي أوجده سقوط النظام السابق وتشتّت النخب السياسية المعارضة بسبب صراعاتها الأيديولوجية، إلى جانب الغرور الذي تعاملت به قيادة «النهضة» مع غيرها بعد فوزها في الانتخابات جعلها تسقط في فخّ السلطة واستسهلت عملية تسيير البلاد. كلنا يذكر خطاب «النهضة» المتعالي والمستسهل بعد استلامها مقاليد الحكم، على سبيل الذكر لا الحصر تصريح لرئيس حركة «النهضة» حول عملية التنمية والنمو الاقتصادي، قائلا إن مؤشر النمو الاقتصادي سيرتفع بنقطتين بمجرّد انتهاء الفساد وكأن ظاهرة الفساد انتهت بمجرّد هروب بن علي وليست منظومة  تنخر  مجتمعنا إلى اليوم. كما أن أغلب قياديي «النهضة» أخذتهم نشوة الانتصار  خلال انتخابات 23 أكتوبر 2011، فنعتوا معارضيهم بجماعة «الصفر فاصل» وفتحوا صراعا مع الإتحاد العام التونسي للشغل وغير ذلك من السلوكات التي لا تنمّ على إدراك لحجم المسؤولية المناطة بعهدتهم  ففوّتوا على تونس الدخول في حوار وطني حول بناء عملية الانتقال الديمقراطي.
هذه الأخطاء كان منتهاها بالضرورة الدخول في طريق مسدود وبالتالي الفشل واضطرار قيادة «النهضة» للتخلّي عن  الشعارات الوهمية التي كانت ترفعها لحشد قواعدها ومناصريها وهو ما أظهرها اليوم لدى شريحة عريضة من هذه القواعد ، متنازلة ومتخلّية عن مبادئها  التي أسس المخيال الجمعي للحركة عليها عبر ثلاثة عقود من الوجود السياسي والتنظيمي.

 هل صحيح أن أسلوب العنف الذي اتخذته الحركة في فترة ما، هو وراء مغادرتك الحركة؟

ـ لا شكّ أن العنف السياسي والاجتماعي بالنسبة لي مرفوض مبدئيا ولكن السبب الرئيسي لخروجي الاختياري من قيادة الحركة ثم من تنظيمها عامّة، كان في واقع الأمر لقناعتي بعد محاولات داخلية لفرض تقييم  ذاتي للمحرقة التي طالت  كل أبنائها خلال بداية التسعينات بسبب القمع الذي مارسته  آلة الاستبداد وبفعل  خيارات المواجهة العنيفة التي اعتمدناها كقيادة آنذاك – تعمدت الحديث بصيغة الجمع لكي لا أبرئ نفسي  من المسؤولية السياسية باعتباري كنت عنصرا قياديا فاعلا خلال تلك الفترة – لقد أدركت خلال التسعينات أن هذه الخيارات أوصلتنا إلى الكارثة التي لم تطل الإسلاميين فقط بل كل التونسيين ومكّنت بن علي من الاستبداد والتأسيس لنظام الفساد.
عندما لم أجد أذانا صاغية للقيام بعملية النقد الذاتي والتقييم العلني داخل مؤسسات «النهضة» ، قدّمت استقالتي من مجلس الشورى وغيره من المهام القيادية خلال شهر ديسمبر 1993 ونشرت مقالا  في جريدة الحياة اللندنية بتاريخ 2 أوت  1994 بعنوان  «دعوة إلى الرشد» ، شرحت فيه وجهة نظري متوجها إلى العقلاء في حركة «النهضة» وفي السلطة ولكن في حقيقة الأمر لم يكن للعقل مكان آنذاك لا في هذا الجانب ولا في ذاك. كما قدمت في نفس الورقة جملة من المقترحات للخروج من الأزمة من أهمها حل التنظيم وإعادة إفراز مؤسسات وقيادة بوجوه جديدة وفق سياسات واضحة تؤسس لحوار مع السلطة من اجل إطلاق سراح المساجين وإيجاد مخرج لحالة الانسداد. 
اعتبرت قيادة «النهضة» ما قمت به ارتدادا وسقوطا في طريق الدعوة والنضال وأطلقت علي  آلة التشويه كما يفعل كل من لا يؤمن باختلاف الآراء ولكن ذلك لم يثن عزمي على المضي في تصوري الإصلاحي متوجها بمفردي ثم مع ثلة من الأصدقاء إلى السلطة من اجل قضية إنسانية بدأت بإطلاق سراح المساجين ثم عودة اللاجئين لأنني كنت أرى انه من واجبي التخفيف من معاناة من هم تحت الظلم والقمع . بطبيعة الحال تعامل السلطة مع هذه المبادرة كان من باب التوظيف لها في صراعها مع حركة «النهضة»، وقد كنت مدركا لذلك ولكن العمل السياسي يفترض مرونة ، خاصة عندما يكون الهدف نبيلا.
ثم جاءت ثورة 14 جانفي 2011 فزادت هؤلاء غرورا ولم يتمكنوا من تقييم تجربتهم وأوهموا أنفسهم بأنهم من ساهم في صنع هذه الثورة بل هم مكوّنها الأساسي، بعد أن كان بعضهم قبل أشهر قليلة يثني على إنجازات صخر الماطري ويوجّه الرسائل سرّا لبن علي وذلك موثقا وليس من باب الافتراء كما يزعم البعض منهم.
أما من جانبي فاعتقد أن ما قمت به هوخيار واقعي في تلك الظروف التي اتسمت بانسداد الأفق السياسي في تونس من اجل تخفيف معاناة ضحايا القمع والاستبداد ، كما أن ذلك لا يعفيني من بعض الأخطاء  التي وقعت فيها من أهمها التقييم الخاطئ للوضع الاجتماعي في تونس  ولن اخجل في أن اقرّ بذلك فالسياسي الذي لا يقيّم مسيرته ومواقفه لا يستفيد من أخطائه.

 هل تحمل زعامات «النهضة» الفكر الاخواني؟  

ـ نشأت الحركة الإسلامية في تونس خلال  بداية السبعينات ربما كردّة فعل على الخيبات المتتالية للأمة في صراعها مع الكيان الصهيوني  من ناحية وعلى الإصلاحات الاجتماعية التي فرضها الرئيس بورقيبة في عملية بناء الدولة والمجتمع التونسي الحديث من ناحية ثانية . وبما أن المدرسة الفكرية المهيمنة آنذاك في العالم السنّي هي المدرسة الإخوانية فان  تبني مؤسسي  الجماعة الإسلامية في تونس لهذا الفكر كان طبيعيا، فكانت  مرجعياتهم التنظيمية والحركية هي تجربة الإخوان المسلمين وهو ما سهّل التواصل  بين مؤسسي هذه الجماعة في تونس والتنظيم الدولي للإخوان  ورغم عضوية الحركة الإسلامية في هذا التنظيم فان تأثر الاتجاه الإسلامي خاصة في شقه الطلابي بالثورة الإيرانية سنة 1979 ، جعل من الحركة الإسلامية في تونس تتميّز عن بقية الحركات الأخوانية ببعض الخصوصيات كالموقف من الثورة الإيرانية والحرب العراقية الإيرانية ثم من الحرب الأمريكية الأولى على العراق على اثر احتلال الجيش العراقي للكويت.
حسب تقديري إن كان إخفاء هذا الانتماء مبرّرا في مرحلة السرية خوفا من القمع فان هذا المبرر انتفى اليوم بحكم الانخراط في اللعبة الديمقراطية وربّما يكون لتجربة «النهضة» في تونس تأثير على الحركات الإخوانية والفكر الاخواني عموما. أما إذا كانت أسباب الإخفاء لهذا الانتماء غير ذلك فالسؤال يبقى مطروحا على قيادة حركة «النهضة» للتوضيح.

 هل ترى ان تصنيف تنظيم الاخوان في مصر كحركة ارهابية أحرج «النهضة»؟

ـ لا أظن ذلك باعتبار أن هذا التصنيف لا يتجاوز من ناحية رقعة الصراع المصري – المصري، ومن سلطة انقلابية لا تملك الشرعية السياسية ولا الأخلاقية لتدين غيرها ، وإذا لم يسقط الإخوان المسلمون في فخ ردّ الفعل عن طريق وسائل العنف والإرهاب، السبيل الوحيد الذي يبحث عنه الانقلابيون في اكتساب شرعية الحفاظ على الأمن القومي وصيانة مصر من الإرهاب، فان هذا التصنيف يبقى دون اثر على بقية الحركات الإخوانية خارج مصر، بل ربما يغطي على أخطائهم ويجعل منهم ضحايا القمع والاستبداد العسكري.

 لو عرض عليك الانصهار مجددا في حزب حركة «النهضة» هل تقبل؟

ـ لو كنت راغبا في ذلك لفعلت يوم أن انتصرت «النهضة» وهرول نحوها اغلب من انسحب منها  منذ الثمانينات وكان متنصلا منها في السرّ والعلن ، هؤلاء الذين أغرتهم جاذبية السلطة والمصالح الشخصية والأمثلة على ذلك كثيرة وموثّقة ولكن في ما يخصني شخصيا فان خلافي مع «النهضة» لم يكن من اجل موقع لقد كنت عند استقالتي من اقرب المقربين من رئيس الحركة واعلم من خفاياها ما لا يعلمه غيري من القياديين ، كما أنني لم أتخذ موقفي تحت ضغوطات أو خوفا من بطش نظام بن علي باعتباري كنت لاجئا في فرنسا منذ سنة 1981 ولم انسحب من هذه الحركة عندما كنت ملاحقا وتم إيقافي وسجني بفرنسا عدة مرات. قراري بالخروج اتخذته عن قناعة عندما انسدّت كل سبل الإصلاح الداخلي وغابت آليات الديمقراطية واختلاف الرأي داخل مؤسسات الحركة. ولكن للأمانة فان هذه الطبيعة لم تتفرّد بها حركة «النهضة» وللأسف وما نراه من  توالد للأحزاب يسارها ويمينها من رحم بعضها البعض هو نتيجة غياب الثقافة والسلوك الديمقراطي داخل العمل الحزبي وهوما ولّد عزوفا للمواطنين وخاصة الشباب منهم عن الانخراط في العمل السياسي.
خلاصة القول تجربتي في حركة «النهضة» كانت أساسية في مشواري السياسي لن استطيع تجاهل انعكاساتها على حياتي السياسية والفكرية  وحتى الشخصية وتحمّلت في الماضي وسأتحمل في المستقبل أثارها رغم أنها أصبحت بالنسبة لي من طي الماضي.

 لو طلب منك تقييم طريقة التسيير النهضوية ماذا تقول؟

ـ إذا كان المقصود تسيير «النهضة» لشؤونها الداخلية فان ذلك لا يهمني، أما إذا كان المقصود تسييرها لشؤون بلادنا، فإنني أجد نفسي معنيا بذلك باعتباري كمواطن أولا وباعتبار انتمائي الحزبي للتحالف الديمقراطي كحزب معارض لحكومة «الترويكا». من هذا المنطلق إضافة لما ورد في الجواب على سؤالك الأول اعتقد وبكل موضوعية أن «النهضة» وحلفاءها في «الترويكا» فشلت في تسيير شؤون بلادنا وفي تحقيق أهداف الثورة حتى في ما هو متاح، لقد جرّت حركة «النهضة» الساحة السياسية إلى صراعات هامشية لا طائل من ورائها كمسألة التنصيص على الشريعة في الدستور في بداية الأمر، وفتح صراعات وعنف مع المنظمة الشغيلة لترويضها ومحاصرة مقر التلفزة الوطنية ...الخ، في حين تم اهمال الملفات الجوهرية من عدالة انتقالية ومقاومة الفساد وتنمية اقتصادية وتشغيل وتحقيق للأمن ومقاومة الإرهاب.
كل هذه الملفات هي عناوين فشل لحركة «النهضة» وحلفائها كحزب اغلبي خاض تجربة الحكم وفق إفراز ديمقراطي ولكنها لم تتحمل مسؤولياتها إلي أن دخلت البلاد في دوامة الاغتيال السياسي. فنتائج الفشل والمسؤولية السياسية تتحملها حركة «النهضة» باعتبار موقعها في المشهد السياسي وتسييرها للبلاد خلال هذه المرحلة.

 ما تعليقك على تصريحات الغنوشي الأخيرة : خرجنا من الحكومة وليس من الحكم ؟

ـ هذا التصريح في تقديري يحمل في طياته إقرارا بالفشل وهو موجّه بالأساس إلى قواعد حركة «النهضة» الذين عبّروا عن خيبة أمل في أداء قيادتهم وما قاموا به من تنازلات للأحزاب المعارضة خلال الحوار الوطني وقبولها باستقالة الحكومة.
ولكن في اعتقادي إن هذه القيادة رغم فشلها في تسيير شؤون البلاد كما ذكرت سابقا فإنها أظهرت اقتدارا على المناورة والمرونة السياسية تحسب لها خلال ردهات الحوار الوطني وربما سيشهد التاريخ لها  بأنها رغم مسؤوليتها الكبيرة في كل ما حدث على امتداد  عامين من الحكم ، فشل سياسي وأمني واقتصادي خطير في بعض الأحيان استطاعت تجنيب تونس الدخول في المجهول وإجهاض عملية الانتقال الديمقراطي.

 ما رأيك في المصادقة على صندوق التعويض للمساجين السياسيين والذين منهم عدد لا يستهان به من النهضويين؟

ـ أولا لابد من الإشارة إلى أن صندوق التعويض لا يقتصر على مساجين «النهضة» فقط حسب علمي وإنما  يشمل كل ضحايا العهد السابق.
ولكن هذه القضية العادلة  أدخلتها «النهضة» في سوق المزايدات السياسية والحزبية، فمن حيث المبدإ  النضال من أجل المبادئ والقيم لا يكون مدفوع الأجر ولا ينتظر أصحابه مكافأة ولكن ايضا لا بد من الاقرار بحقوق الضحايا المعنوية والمادية في إطار العدالة الانتقالية الشاملة التي غيبتها حركة «النهضة» بل سمحت  حكومة «الترويكا» بفك اعتصام الصمود السلمي بالقوّة بعد فشل رموز «النهضة» في السلطة في إقناع المعتصمين بفك الاعتصام.
لابد أن ندرك أن هؤلاء الضحايا مازالوا  فريسة للفقر والمرض والتهميش وكل فترة نسمع بوفاة واحد منهم، وضعية هؤلاء كما وضعية جرحى  الثورة وعائلات الشهداء وضحايا انتفاضة الحوض المنجمي وغيرها من الانتفاضات في سبيل الكرامة وصولا إلى ضحايا الرش بسليانة  لابد أن تؤخذ بجدية وتخرج عن نطاق التجاذبات السياسية.
وما قام به نواب «النهضة» في المجلس التأسيسي في جنح الليل يعتبر اهانة  لنضالات  كل هؤلاء الضحايا واعتداء على كرامتهم بإظهارهم في موقع انتهازي وليس كأصحاب حقّ . أظن أن استعجال المصادقة على هذا الصندوق يتنزّل في إطار الحشد الداخلي للأنصار والأعضاء للتعتيم على الفشل في تحقيق حقوق هؤلاء الضحايا.

  البعض يعتقدون أن «أبو عياض» هو العصا السحرية للنهضة تلجأ إليها لتحويل وجهة الرأي العام بعد تمريرها لقوانين – نصف الليل -؟

ـ لا أعتقد أن الأمر بهذه السهولة من الجزم ولكن المناورة والتوظيف واردان لدى بعض السياسيين خاصّة عندما يضيق  هامش التحرّك والفعل وتغيب الشجاعة السياسية في تناول الملفات الخطيرة والتي من أهمها مسألة الإرهاب التي أصبحت ورقة مزايدة في المشهد الحزبي.

 هل تشاطر قول المعارضة ان  «النهضة» زرعت عيونها في المناصب الحساسة في الدولة لتضمن في كل الحالات الحكم؟

ـ أولا من حيث المبدإ الحكم في التجارب الديمقراطية لا يضمنه إلا صندوق الانتخاب وجديّة البرامج السياسية والمحافظة على أسس الديمقراطية من حريّة إعلام واستقلالية القضاء وحياد الإدارة...الخ. فإذا كانت بعض أطراف المعارضة تقصد من مراجعة التعيينات على قاعدة الكفاءة لا الولاء الشخصي والحزبي وللأسف فان الكثير من التعيينات تمت على أساس هذه القاعدة فانا اتفق مع هذا الطلب وقد تضمنت خارطة طريق الحوار الوطني، التي صادقت عليها  «النهضة»، ذلك. أما إذا كان القصد هوعملية مطاردة شخصية على أساس الانتماء الفكري والسياسي فذلك مرفوض ما لم يتعلّق الأمر ببعض المواقع الحساسة التي تستوجب الاستقلالية، فانا لا أوافق على ذلك باعتباره عملية تمييز بين التونسيين وفي الأخير لابد أن يعلم أصحاب القرار أن السلطة إذا دامت لغيرهم ما آلت إليهم.

 بعض التحاليل تؤكد أن الدساترة كفاءات ورجال دولة وانه سيكون لهم تموقع في الدولة بعد الانتخابات؟

ـ أختلف معهم في هذا  الاستنتاج، الدساترة مسؤولون مثل غيرهم بل أكثر على الوضع الكارثي الذي وصلت إليه بلادنا لأنهم استبدوا بالحكم وسخّروا الدولة لخدمة مصالحهم الحزبية والشخصية طيلة عقود من الزمن ورغم ثقة الشعب فيهم خلال مرحلة بناء دولة ومجتمع ما بعد الاستقلال فإنهم تنكّروا لهذا الشعب وصادروا حرياته وحقوقه في التنمية والرفاه وبناء الديمقراطية، ولا يمكن أن ينسينا فشل «الترويكا»  ما قام به هؤلاء الذين نرى بعضهم يقدّم نفسه كمنقذ لتونس. على هؤلاء الدساترة أن يعتذروا لهذا الشعب المتسامح قبل أن يتسلّلوا للركح السياسي وكأن شيئا لم يكن. لقد دفع هذا الشعب بكل فئاته وعائلاته السياسية ثمنا باهضا لظلم  هؤلاء خلال المرحلتين البورقيبية والنوفمبرية.
 ان الكفاءات في تقديري تونسية وليست دستورية ولا نهضوية ولا غيرها وما يحسب لكل تيار سياسي هو ممارسته الديمقراطية ومدى وفائه لهذا الشعب فهل التزم هؤلاء ببعض من ذلك؟ بكل موضوعية لا أظن .
أما عن احتمال نجاحهم أوفشلهم في الانتخابات القادمة فان ذلك يبقى رهين نجاح القوى الديمقراطية الناشئة في إدارة الحوار بينها وفي صدقيتها وقربها من هذا الشعب بهدف تحرّر اختياراته من سلطان المال السياسي الذي يسعى البعض إلى توظيفه في شراء الذمم وتزييف الانتخابات تحت غطاء الديمقراطية. كذلك لابد أن يتمكّن المجتمع المدني من لعب دوره في تحصين الرأي العام ضدّ الزيف والمغالطة مهما كان لونهما.

 كيف ترى مستقبل المشهد السياسي بتونس في قادم الأيام؟

ـ إذا اختزلنا المشهد السياسي المستقبلي في  صراعات رموز الاحزاب الكبرى نكون كالذي ركّز نظره إلى الوراء فقط، لأن هذه الرموز ومكوناتها السياسية رغم حضورها السياسي والإعلامي الحالي تعبّر عن الماضي  بآلامه وأحزانه، أكثر مما تعبّر عن  المستقبل الذي يتوق إليه الشباب التونسي الذي قام بهذه الثورة والذي لا يمكن أن يكون إلا ديمقراطيا، حداثيا متعدّدا، لأن طبيعة الأشياء لا تتحمّل في المستقبل عقلية حزب الدولة ودولة الحزب ولا عقلية الزعيم والقائد الملهم أو الشيخ المتّبع...القوى الناشئة في تونس اليوم تتوق إلى مجتمع منفتح ، متحرّك وهو ما جعلنا نحن في تجربة «التحالف الديمقراطي» نرفض الاستقطاب ونعمل على كسره، بإفشال كل التوافقات الثنائية في الغرف المظلمة أوفي دهاليز الديبلوماسية الأجنبية على حساب التوافق الوطني وقد تميّزت مواقفنا خلال ردهات الحوار الوطني بذلك عبر الدور المتميّز الذي لعبه الأمين العام محمد الحامدي أو بقية نوابنا في المجلس التأسيسي.
ولكن نعتقد أن ذلك غير كاف  لإيصال بلادنا إلى شاطئ النجاة ، لابد من توسيع هذا التصور ليشمل شريحة كبيرة من المشهد السياسي ومكونات المجتمع المدني والرأي العام الوطني عموما منهجنا كما كان يقول الزعيم مانديلا : نعمل مع بعضنا من اجل أن نسند الشجاعة حيث يسود الخوف ونشجّع الحوار حيث يسود التناحر ونبعث الأمل حيث يسيطر التشاؤم

No comments: