Search This Blog

Wednesday, June 24, 2015

Ahmed Manai à Attounissia: Nous n'avons pas fait de révolution!

أحمد المنّاعي لـ«التونسية»:لــــــم نقـــــــم بثـــــــــورة

23/06/2015 09:03

 بــــن علـــي اعتذر منّي


 «النّداء» سيدفع ثمن خطأ الباجي


 لا أرى محاسبــــة في ظلّ الخريطـــة السياسية الحالية


 حوار: أسماء وهاجر



أيّ معنى للنضال بعد 14جانفي في ظل اتهامات للمناضلين السابقين باستثمار رصيدهم النضالي من اجل الحصول على منافع وامتيازات وفي ظل ظهور «مناضلين اثرياء»؟ ما هي خفايا تضخم عدد الحقوقيين في تونسي؟ أي معنى للمحاسبة بعد أن اصبحت مرهونة بيد السياسيين؟ من وراء تحريك خيوط الإرهاب في تونس؟كيف بدا أداء الباجي وتعامله مع الملف الليبي؟ ما هي كواليس العملية السياسية في تونس من يسطر خطوطها العريضة؟ تلك وغيرها من الاشكاليات كانت موضوع حوار «التونسية» مع الدكتور والمناضل والحقوقي أحمد المناعي الذي كشف لنا عديد الخفايا المتعلقة بالمشهد السياسي التونسي وحقيقة اتصال بن علي به
.
 

 كنت مناضلا أيام الجمر كيف أصبح  النضال بعد الثورة ؟
- الحقيقة أن الحياة كلها نضال وكل انسان حي هو مناضل في حقله ولا يمكن أن يقتصر النضال على الساسة.كيف أصبح النضال بعد 14جانفي...؟ لا أعتقد أننا قمنا بثورة! الحقيقة انني عدلت بوصلتي قبل ذلك بكثير وتحديدا مع نهاية سنة 2002عندما بات واضحا أن الغزو الامريكي للعراق  آت لا محالة.وعندما وقع الغزو ورأيت كثيرا من رفاق المنفى من العراقيين من كل الانتماءات السياسية والايديولوجية قد رجعوا إلى العراق وراء الدبابات الأمريكية وتولوا المناصب السياسية وكثير منهم «توزروا» وفيهم من أصبح نائبا لرئيس الجمهورية ادركت أن بلداننا تواجه موجة جديدة عاتية من الاستعمار تستهدف الدول والاوطان والمجتمعات والثروات والتراث الحضاري وانه لم يبق إي معنى للنضال الحقوقي وان الوقت هو للنضال الوطني كما كنا في خمسينات القرن الماضي بالنسبة لتونس. وأشير إلى أنه بداية من ذلك التاريخ بدأ كثير من السياسيين والنشطاء الحقوقيين التونسيين في تونس والمهجر يعزفون على انغام التدخل الاجنبي الامريكي والاوروبي للملمة الاوضاع في تونس. بدأت المناشدات لبوش ثم لأوباما والدوائر النافذة في الاتحاد الاوروبي وهو السلوك الذي ادنته بكل قواي وقطعت مع أصحابه لأنّني اعتقد أن الديمقراطية الحقيقية لا تستورد وإنما تبنى على مهل وبالنضالات اليومية وأيضا أنه لا يمكن التفريط في السيادة الوطنية من أجل ديمقراطية شكلية يختار الاجنبي قواعدها ومؤسساتها وحتى القائمين عليها. فالجميع يعرف ما آلت إليه الديمقراطية الأمريكية في العراق وديمقراطية قطر وفرنسا في ليبيا ونعرف كذلك ما آلت إليه الأمور في تونس بعد 14 جانفي وانهيار الدولة الوطنية وتراجع القرار السيادي المستقل. وما أبذله الآن من جهد متواضع هو لتحسيس الناس وتوعيتهم باننا اصبحنا في ما يشبه وضع الوصاية وان الخيار ليس أن نصبح ولاية عثمانية جديدة أو محمية أورو-أمريكية وإنما الخيار الاوحد أن نستعيد سيادتنا الوطنية.
هو تماما نضال جيل الخمسينات من القرن الماضي وتندرج مساندتي لسوريا ولمقاومتها للغزو الاجنبي. في نفس هذا الإطار وهو كفاح من اجل الحفاظ على الاوطان والدولة الوطنية.
 السمسرة بالنضال إلى حد استثمار الرصيد النضالي والحصول إمّا على أموال أو على منصب في الدولة.. ما رأيك؟
- السمسرة وظيفة شبه مقننة في المعاملات التجارية والمالية .وللسمسار دور هام في كل ذلك قد لا يمكن الاستغناء عنه حتى في المعاملات الدولية وتبقى السمسرة محل شبهات ويبقى السمسار محل ازدراء واحتقار المجتمع ربما لأنه لا يقدم خدمة مادية محسوسة تضاهي ما يحصل عليه من مكأفاة .
فإذا كانت السمسرة في التجارة منبوذة فهي مرفوضة في النضال وأريد أن أشير  إلى أنه كثيرا ما يحدث أن تتم السمسرة بالنضالات قبل الانتصار وتوزيع الغنائم ومثل ذلك في الركض وراء الجوائز الدولية وما يبذله المناضل السمسار من جهد وما يستعمله من وسطاء ووسائل ضغط للحصول على هذه الجائزة أو تلك. وأعرف من قضى سنوات عديدة يجري وراء جائزة «سخاروف» ولم ينلها لكن التي لم تفكر فيها ابدا وأسندت لها مع ذلك هي الصحافية الجزائرية «سليمة غزالي» التي رفضت تسلمها لمعرفتها لما هو مطلوب منها إنْ تسلمتها. خلاصة القول أنه لكل منّا ما ناضل من اجله .فمن ناضل من اجل المناصب والكراسي فهي له مادام حزبه الذي ينتمي إليه قد وصل إلى الحكم والمهم أن يفي بحاجات مسؤوليته ومنصبه . بالنسبة لمن ناضل خارج الاحزاب ودونما طمع في منصب اعتقد انه ناضل في حقيقة الأمر لنفسه أولا فهو يؤدي واجبا وطنيا وانسانيا يرضي ضميره وربه ولكي لا يستحي من نفسه ولا يستحى منه اولاده بعد فوات الأوان ومثل هذا المناضل كمثل الفارس المقنع الذي يدخل المعارك وحينما ياتي النصر ويبدا تقاسم الغنائم ينسحب. هذا نص قراءة تدارسه أبناء جيلي منذ ستين سنة.
 ما رأيك في استثراء البعض من رفاق دربك بعد أن نالوا مناصب قيادية في حكومات ما بعد الثورة؟
- تولي المناصب القيادية في الحكومة يمكن اصحابه من رواتب محترمة لا غير. واذا حصل أن استثرى البعض من هؤلاء بعد سنتين أو ثلاث من المسؤولية واعرف عددا منهم فهذا يعني أنهم استعملوا نفوذهم للإثراء الشخصي وهذا عمل يعاقب عليه القانون ويضعهم في خانة من كانوا يتهمونهم بالفساد المالي من رجالات النظام السابق ويحشرهم ضمن المفلسين أخلاقيا وعلى كل فإنّ السلطة لا تفسد الناس وإنما تظهرهم على حقيقتهم .واذكر اني تعرفت في خمسينات القرن الماضي على كثير من المناضلين السياسيين والنقابيين ممن حمل السلاح أو تسلح بالقلم ثم جاء الاستقلال وفيهم من تولى الوزارات لعقد أوعقدين وعندما توفي لم يترك لعائلته سوى راتبه التقاعدي ودارا تبدو كوخا كبيرا إذا ما قورنت بفيلات المعارضين واعرف نفس الشيء عن وزراء بن علي اذكر هذا لأنها الحقيقة وحتى لا نتمادى في اتهام المسؤولين السابقين ولكن عموما تصرف حكام ما بعد الثورة بعقلية الغازي المنتصر الجامع للغنائم .
 البعض يتحدث عن أطراف تحرك لعبة الإرهاب من اجل ربيع عربي في الجزائر وأياد من تونس ممدودة من اجل تحقيق هذه الغاية ما تعليقك ؟
- ظاهرة الإرهاب ومنذ نشأتها الأولى في روسيا والبلدان الأوروبية منذ أكثر من قرن كانت ظاهرة حضرية تعشّش في العواصم والمدن حيث حضور الدولة فالمؤسسات والأشخاص هدف كل حركة إرهابية .على عكس ذلك تصرفت حركات التحرر الوطني لمقاومة الحضور الاستعماري وفي كامل بلدان شمال إفريقيا تحصّن الفلاقة وجنود التحرير بالجبال الشاهقة ينطلقون منها في هجوماتهم على الجيش الاستعماري أو على المعمرين في السهول ويعودون إليها بعد عملياتهم. وفي بلدان أخرى تحصن الثوار بالغابات والادغال منها ينطلقون واليها يرجعون. الغريب أن الإرهاب في تونس منذ نشأته بعد 14جانفي تغلغل في سلسلة الجبال المحاذية للجزائر مديرا الظهر لتونس والاغرب انه لم يقع استئصاله والقضاء على عناصره بعد أكثر من اربع سنوات من التمشيط والاشتباكات والحصار على الرغم من قلة اعداد الارهابيين .لا املك مؤيدات مادية لكني اعتقد أن ثوار بؤر الإرهاب الجبلية انشئت لاستهداف الجزائر وان صمود سوريا هو الذي عطل استكمال المخطط وامتداده للجزائر. وعموما فان لعبة الإرهاب الاجرامية تدار من قبل دول كبرى عبر دول اقليمية وسلطات محلية ومنظمات وجمعيات تابعة لها والمنفذ الأخير للجريمة هو ذلك الشاب الذي يغادر بلده ويترك اهله لسفك دماء الابرياء في سوريا مثلا وهو واثق من انه يجاهد في سبيل الله وان مثواه الجنة.
 اليوم هناك انفلات أو تضخم في عدد الحقوقيين. هل هذه الظاهرة صحية أم تخفي اجندات خارجية تتستر وراء حقوق الانسان؟
- ما حدث من انفلات أو تضخم في عدد الحقوقيين شيء طبيعي جدا. وقد سبقت هذه الظاهرة أحداث 14جانفي وكان ملموسا منذ بداية العقد الماضي مع ظهور الانترنات ومواقع التواصل الاجتماعي وان كان وقتها اغلب الناشطين لا يوقعون بأسمائهم .
بعد ذلك التاريخ وما صاحبه من انقشاع لسحب الخوف وما عرفه التونسيون من حرية في الكتابة والنشر زاد في عدد الناشطين واصبحوا أكثر جرأة فراحوا يوقعون بأسمائهم ويكتبون في كل المواضيع وكل ما يجول بخاطرهم ولا يترددون أمام أيّ شيء حتى المحظور قانونا أو أخلاقا. على أن النشاط بقي في اغلبه نشاطا فرديا ومشتتا لا منتظما ولا منظما فلم تنشأ مثلا منظمات حقوقية كبرى متخصصة في مجال بعينه يعتد بتقاريرها السنوية والقليلة من هذه المنظمات التي رأت النور في السنوات الأخيرة تحوم حولها الشكوك لارتباطها العضوي بالتمويلات الاجنبية. من المؤسف مثلا أنّه لم تظهر منظمة حقوقية كبرى تعنى بقضايا حقوق الانسان خارج حدود تونس تهتم بها على مستوى العالم أو على الاقل في العالم العربي وهو أكثر العوالم تأزما وان نبقى حبيسي تقارير «امنستي» و«هيومن رايتس ووتش» عنا، لكن يبدو أننا لم نبلغ مستوى العمل المؤسساتي .اما عن التضخم في عدد الحقوقيين فسيؤول إلى التراجع لان المسيرات الطويلة تحتاج إلى نفس أطول.
 وانت كنت من المعارضين للمرزوقي فهل بدا السبسي مقنعا في ادائه كرئيس للجمهورية؟
- لم اعارض المرزوقي لأسباب عاطفية أو لعداء بيني وبينه أعرفه منذ سنة 1981وكان صديقي لسنوات عديدة وهو يعرف أني تعاطفت معه وساندته في الأيام العسيرة .عرفته منذ تولّيه الرئاسة مؤقتا وظهر للجميع انه انخرط في لعبة دولية تتجاوز حجمه وحجم تونس وورط الدولة في متاهات العداء لدول شقيقة من منطلق انخراطه في مخطط اقليمي ودولي لتدمير الاوطان العربية وقد كتبت له رسالة مفتوحة في هذا الغرض نشرتها جريدة «التونسية» بتاريخ 29مارس 2012دعوته فيها أن يقطع مع أحلام رعاة البقر ورعاة الإبل. وعرفته بأكثر قوة فيما بعد لأنه ظهر واضحا أن الرجل يهدم ولا يبني ويفرق ولا يوحد ويشتت ولا يجمع ويدعو للحقد والكراهية وهو ما يمثل خطرا على تماسك الشعب التونسي ووحدة ترابه الوطني إضافة لدعمه للتكفيريين وتساهله مع تصدير الارهابيين إلى سوريا .اما بالنسبة للسبسي قبل أن ينتخب لرئاسة الجمهورية كان الباجي قائد السبسي رئيسا لحزب «نداء تونس» الذي فاز في الانتخابات الرئاسية وقد وعد في حملته الانتخابية بأنه لن يتحالف مع «النهضة» ولعل هذا الوعد هو الذي ساهم في فوزه أكثر من أي عامل آخر لكنه أخلف وعده واستهان بناخبيه وساهم في خلق وضعية نشاز في الديمقراطية من شأنها أن تنفر المواطنين من الديمقراطية ومن الانتخابات ومن السياسة عموما.فديمقراطيتنا التوافقية القائمة على التفاهمات بين الاحزاب والتي لا دور فيها لرأي الناخب هي أشبه ما تكون بديمقراطية الطوائف في لبنان. هذا الخطأ لن يُغفر له وسيدفع «نداء تونس» ثمنه.
مرت ستة أشهر على رئاسة السبسي وتقييم أدائه يتم استنادا إلى صلاحياته الدستورية –الخارجية والدفاع – والى وعوده الانتخابية. الديبلوماسية التونسية في عهد الباجي هي تكريس لما كانت عليه زمن المرزوقي و«الترويكا» وان اختلفت عنها في الاسلوب والشكل والاخراج .الرئيس الحالي انيق وله حضور ركحي في المواكب والمناسبات الرسمية وهو في هذا محل افتخار المعجبين به. فيما عدا ذلك لاشيء تغير في الجوهر بل على العكس تماما.
إعادة العلاقات الديبلوماسية مع سوريا التي وعد بها السبسي في حملته الانتخابية والتي تعجّل وزير الخارجية بالإعلان عن استئنافها اصبحت في غير مصلحة تونس. كما صرح به الرئيس مقرا مع ذلك أن قطعها كان خطأ. فالجامعة العربية تحولت إلى تحالف خليجي يعلن الحروب على جيرانه وموقف تونس هو كما عبر عنه وزير الخارجية بكلمة بسيطة «نحن نتفهم». الرئيس السبسي يتذكر بلا شك مواقف الديبلوماسية التونسية في عهد بورقيبة من محاولة عبد الكريم قاسم ضم الكويت ومحاولة المغرب الاعتراض على استقلال موريتانيا أو من هيمنة مصر الناصرية على قرار الجامعة العربية. البورقيبية لمن يتباهى بالانتساب إليها ليست حضورا ركحيا فقط هي بالخصوص مواقف مبدئية داعمة للسيادة الوطنية واستقلال الشعوب – تحية إلى سلطنة عمان التي نأت بنفسها عن التحالف.
 عديد من المحللين يرون أن التوافق بين «النهضة» و«النداء» هو تنفيذ لأجندة خارجية وإملاءات القوى العظمى فأي معنى للسيادة التونسية؟
- القضية لا تحتاج إلى محللين وخبراء. يكفي لأي مواطن تونسي يراقب الحياة السياسية عن كثب ليخلص أن العملية السياسية بأكملها في خطوطها العريضة كما في تفاصيلها هي تنفيذ لأجندة خارجية واملاءات للقوى العظمى وحتى لقوى اقليمية وايضا للمؤسسات المالية العمومية. كثيرا ما أقارن وضعنا بوضع لبنان هذا البلد ليس له رئيس منذ أكثر من سنة لأن انتخاب الرئيس في المجلس يحتاج لتوافق بين الدول التالية أمريكا السعودية وفرنسا وايران وسوريا. في تونس تتم الأمور بأكثر سهولة «الزيت على الماء» لأنه لا وجود لقوى ممانعة كما في لبنان بل أن كل القوى السياسية الفاعلة قابلة بشروط التبعية. أي معنى للسيادة التونسية؟ فهي تلاشت بعد 14جانفي يوم سمح للتونسي الحامل لجنسية ثانية للترشح للانتخابات الرئاسية والتنازل عن الجنسية الثانية في حال فوزه... ويوم لجأ السياسيون للمال الاجنبي لتمويل احزابهم وحملاتهم الانتخابية وأخيرا يوم وقّعت تونس على وثيقة سرية مع الولايات المتحدة الأمريكية لا اشك في أنها تتضمن تنازلا عن السيادة, ويوم استسهل السياسيون الأمر فراحوا يقترضون من الخارج للاستجابة للمطالب الاجتماعية المشطة لكن علينا ألا نيأس من استرجاع سيادتنا وقرارنا السياسي المستقل فقد بدا الوعي يدب في المجتمع ونحتاج فقط لشيء من الوقت وكثير من التوعية لأنه لا معنى في الحقيقة لديمقراطيات وحريات فردية واجتماعية تحت الوصاية الاجنبية.
 هل نجحت «النهضة» في رفع الحصار عن الإسلام السياسي المحاصر عالميّا؟
- صراحة لا أحب كثيرا مفهوم الإسلام السياسي. على كل الاسلام السياسي ذي المرجعية الوهابية غير محاصر فهو الذي يحكم في السعودية وبلدان الخليج وباكستان وهو يكتسح كامل الشرق الاوسط بعد  اعلان دولة الخلافة «داعش».
أما الاسلام السياسي ذي المرجعية الاخوانية فقد حقق انجازات كبيرة بوصوله للحكم .في السودان سنة 1989عن طريق الانقلاب العسكري الذي قاده الجنرال عمر البشير ثم كان انجازه الأكبر في تركيا بوصول «حزب العدالة والتنمية» للحكم في انتخابات 2002 ثم حركة «النهضة» في تونس سنة 2011 وفي مصر سنة 2013 وليبيا والكل عبر الانتخابات وبمباركة أمريكية في نطاق مشروع الشرق الاوسط الجديد. وقد تراجع دور كل هذه الاحزاب في السنتين الاخيرتين لأدائها الضعيف في ممارستها للحكم وكذلك لتراجع مراهنة الأمريكان عليها  كما في الحالة المصرية وايضا وأخيرا لتورطها في الإرهاب إن لم يكن في بلدانها ففي الجوار. خروج الإخوان من المشهد السياسي في مصر أحدث فراغا كبيرا في التنظيم الدولي للإخوان لكونهم هم الذين تولوا قيادته تاريخيا وهل تستطيع «النهضة» ورئيسها ملء هذا الفراغ والتوصل لرفع الحصار عنهم؟ استبعد ذلك لأن الدور الأول يبقى موكولا للأخ الأكبر «أردوغان» رغم تراجع حزبه في الانتخابات والسؤال الآن هل يستطيع أردوغان أن يفعل شيئا من اجل ذلك مستعينا بالسعوديين الذين جرّموا جماعة الإخوان لكنهم يتحالفون معها في اليمن؟ لا اعتقد ذلك ايضا ذلك لان الخلاف التركي المصري عميق جدا وفيه اتهامات لتركيا برعاية الإرهاب في مصر وفيه منافسة كبيرة على قيادة العالم السني. ورأيي أن حل قضية الإخوان في مصر وفي غيرها من البلاد العربية هو بين أيديهم ويتطلب منهم مراجعة علاقتهم بالدولة الوطنية والكف عن لعب دور المنفذ للمخططات الاستعمارية والاقلاع نهائيا عن العنف والارهاب والكف عن استخدام الاسلام وخدمته إذا أمكن.
 أين وصلت الاصلاحات الموعودة وهل مازالت ممكنة في ظل ما يسمى بتغّول النقابات؟
-  جُلّ أو حتى كل الاصلاحات ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي التي ستحدث مستقبلا ستكون مستوحاة من نصائح دائنينا الاجانب من دول ومؤسسات مالية وستراعي طلبات المستثمرين الاجانب وكذلك أصحاب المال المحليين أكثر من رغبات وطموحات الفئات الشعبية التونسية. قوانين الاقتصاد قاسية وقوانين الليبيرالية اقسى وأمرّ ولعلنا نسير بسرعة فائقة نحو الحالة اليونانية. هناك تغوّل للنقابات من خلال المطلبية المجحفة والإضرابات لكن لو عمل التونسيّون وأدّوا واجبهم في الاوقات العادية لأمكن تدارك ما نخسره أيام الاضرابات ولا ننسى أن النقابة تدافع عن منخرطيها حصرا .
 بعد «وينو البترول» و«حل الدوسي» وقبلها حملة «اكبس» هل المحاسبة مرهونة بيد السياسيين؟
- لي كثير من الأصدقاء والرفاق من الذين عملوا 30 سنة أو أكثر في شركات بترولية تونسية ثم عملوا بعد ذلك في شركات عالمية في مختلف الاختصاصات تنقيبا واستخراجا وتكريرا وهم يجمعون على أن حظنا من البترول هو ما تصرح به الاحصائيات الرسمية وأنا اثق بهم تماما لأني اعرف استقامتهم وولاءهم وحرصهم على المصلحة الوطنية دون غيرها ولا شك أن هذا القطاع يعرف فسادا كبيرا مثله مثل بقية القطاعات الاقتصادية لكن أن تقوم حملات تشكك وتشوه فهذا غير مقبول .اما المحاسبة فهي مرهونة فعلا في يد السياسيين من مجلس النواب ولا احسب أنها ممكنة في ظل الخريطة السياسية الحالية.
 ما رأيك في الدعوات المنادية بحل «حزب التحرير»؟
- من المفروض أن يتم حل «حزب التحرير» لأنه لا يفي بالشروط القانونية .لكن الذين منحوه الترخيص القانوني كان يريدون أن يكون حزبا مثله في المشهد السياسي واذكر أن حكومة المهدي جمعة قد وجهت له رسالة تطالبه فيها بتوضيح بعض النقاط ولا ادري إن رد عليها أم لا؟ أنا اعتقد أن خطابه السياسي وشعاراته والاهداف التي عبر عنها وجهره بالعداء لكل ولاء وطني تخرجه من حضيرة الاحزاب الوطنية.
 هل صحيح أن الرئيس بن علي اعتذر منك ؟
- نعم في اواخر سنة 2013كنت في باريس واتصل بي احد رفاق الرئيس السابق وعبر لي عن رغبته في مقابلتي وكان ذلك .واثناء اللقاء ابلغني أن الرئيس السابق طلب منه ابلاغي اعتذاره العميق لما لحق بي وبعائلتي من أذى في عهده .قلت له اني سامحته قبل ذلك بكثير وذكرت له أن فريقا من الفضائية الفرنسية الألمانية «ارتي» قد زارني في اوائل سنة 2011عندما اشيع أن الرئيس السابق كان على فراش الموت وأنّه سجّل معي حديثا مطولا – لم ينشر- تناولت فيه قضايا سياسية وحقوقية كثيرة ومنها حق بن علي في أن يدفن في بلده وبين اهله وقضايا التعذيب والضحية والجلاد وكيف التعامل مع كل ذلك.لم اسأل المرسول عن سبب هذا الاعتذار المتأخر ولكني اعتقد أن الرجل قد شاهد برنامج «لاباس» الذي دعيت له خلال ربيع 2013 ولعله تأثر بما أدليت به من شهادة.
منذ عشرة أيام كان لي اتصال هاتفي مع الشخص المذكور وجدد لي اعتذار الرئيس السابق وابلغني انه يرغب في حال زيارتي للبقاع المقدسة أن يقابلني وكما في المرة الأولى قلت له اني سامحته وطلبت منه أن يعتذر لكل التونسيين الذين أساء لهم وان يكشف لنا حقيقة ما وقع في تونس قبل خروجه.
 ما علاقتك بحركة «النهضة» وبراشد الغنوشي؟
- تعرفت على راشد الغنوشي في باريس سنة 1968 وربطتني به صداقة متينة لسنوات عديدة على الرغم من أننا لم نلتق كثيرا حتى سنة 1991تاريخ خروجي للمنفى. في المنفى التقينا خمسة مرات آخرها في خريف 96 في باريس. خلال الـ15 سنة الأخيرة تخاطبنا 6 مرات بالهاتف آخرها في جوان 2008 عندما اتصل بي ليحتج على ما صرحت به في قناة «الجزيرة مباشر» من أن «النهضة» تورطت في عمليتين انقلابيتين سنة 87 و91 ثم كانت القطيعة من جانبه. وفي السنة الماضية 2014جاءني من يقول لي أن راشد يريد مقابلتي فقلت له نلتقي بين يدي الله إن شاء الله .
 أعتقد انني أوفيت بواجبات الصداقة نحوه وانني خدمت حركته من خلال خدمتي لبلدي مقابل ذلك لحقني منهم كثير من الاذى ولا زال يصلني البعض منها لذلك كتبت في وصيتي لأبنائي أن لا يتقبلوا عزاء من أيّ شخص في «النهضة
».

No comments: